على الرغم من كل الأزمات التي تمر بها الدول الخليجية، لا سيما المملكة العربية السعودية، هي لا تزال تضع على رأس قائمة أولوياتها الإستمرار في سياسة محاصرة "حزب الله"، على كافة المستويات العربية والإسلامية، عبر إستغلال الإتهامات التي توجه إليه في بعض دولها، بالإضافة إلى دوره في الحرب السورية، الذي ساهم إلى حد بعيد في كسر مشروعها الهادف إلى إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد.

بالنسبة إلى الدول الخليجية، التي تعاطفت بمعظمها مع الرياض في موقفها من الجمهورية الإسلامية في ​إيران​، على خلفية الأزمة التي تلت إعدام الشيخ نمر باقر النمر، لا يمكن تجاهل الحزب في هذه المعركة، لا سيما أنه يُعتبَر ذراع طهران الأقوى في الساحات العربية، لا سيما اليمن والبحرين وسوريا، التي بات أمينه العام السيد حسن نصرالله يتحدث عن أوضاعها بشكل شبه دوري في جميع خطاباته، الأمر الذي تفاعل على نحو غير مسبوق بعد مواقفه الأخيرة التي وصلت إلى حد الدعوة إلى إسقاط النظام القائم، وتوجيه الإتهامات المباشرة له بالمسؤولية عن دعم "الجماعات الإرهابية" التي تدمر البلدان العربية.

من هذا المنطلق، تشير مصادر متابعة، عبر "النشرة"، إلى أن المساعي القائمة على أكثر من صعيد، بهدف محاصرة الحزب شعبياً وإعلامياً وسياسياً، لن تتوقف في وقت قريب، بل هي أولوية لدى دول ​مجلس التعاون الخليجي​، التي ترى أن لا مجال لكسر طهران من دون إضعاف الحزب، وتشير إلى أنها ستعمد على إستغلال أي نقطة تصب في هذا الإتجاه، إنطلاقاً من نظرية أن الضرورات تبيح المحظورات.

وتلفت المصادر نفسها إلى التركيز على دور الحزب في الحملة التي تناولت الأوضاع في ​بلدة مضايا​ السورية، التي تولت وسائل إعلام عربية العمل على نشرها على نطاق واسع، بالإضافة إلى الضغوطات التي مورست في إجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب الأخير، من أجل صدور قرار يدين الحزب، إنطلاقاً من الإتهامات الموجهة له من قبل الحكومة البحرينية، بالتزامن مع صدور الحكم في القضية المعروفة باسم خلية "حزب الله في الكويت"، ناهيك عن الجهود التي تبذل لضم الحزب ضمن لائحة المنظمات الإرهابية، التي يجري العمل على إعدادها إنطلاقاً من الأوضاع السورية.

وفي حين تعتبر هذه المصادر أن الموقف اللبناني الرسمي في ​الجامعة العربية​ كان مقبولاً، لناحية إمتناع وزير الخارجية والمغتربين ​جبران باسيل​ عن التصويت على القرار الذي صدر، توضح أن هناك معركة أخرى ينبغي التنبه إليها سيكون مسرحها ​منظمة التعاون الإسلامي​، حيث من المقرر عقد إجتماع لها في الأيام المقبلة، بطلب من وزير الخارجية السعودي ​عادل الجبير​، وتؤكد بأن بعض العواصم العربية تنتظر الموقف اللبناني للبناء عليه، خصوصاً أنها لا تتوقع الخروج عما سبق وتم التعبير عنه في الجامعة العربية.

على صعيد متصل، تشير المصادر المتابعة إلى أن الدول الخليجية سوف تعمد، في الأيام المقبلة، إلى الإستفادة من المواقف التي عبر عنها زعيم تنظيم "القاعدة" ​أيمن الظواهري​، لناحية دعوته السعوديين إلى الثورة على النظام الحالي، للإشارة إلى أن هناك تناغماً بين المنظمة الإرهابية العالمية و"حزب الله" في الأهداف، بالرغم من إختلاف الأسباب التي ينطلق منها كل منهما، وتلفت إلى أن بعض وسائل الإعلام الخليجية عمدت منذ اللحظة الأولى إلى القول بأن كلام الظواهري يؤكد إرتباطه بطهران، في سياق الحملة التي تروج لها بأن الجمهورية الإسلامية هي من تدعم المنظمات الإرهابية في المنطقة.

وعلى الرغم من أن هذه المصادر تؤكد بأن الأمور لن تصل إلى إتخاذ إجراءات ضد الدولة اللبنانية بشكل كامل، نظراً إلى أن هذا الموضوع سيكون له نتائج عكسية خطيرة، لا تنفي إمكانية تكرار الإجراءات التي كانت تستهدف فئات معينة من المواطنين، بالإضافة إلى تكثيف الحملة القائمة على نطاق واسع، لتعميم صفة الإرهاب عليه، وتضيف: "لا يمكن توقع هدنة مع الحزب طالما أن الصراع مفتوح مع إيران، واليوم ليس هناك من أفق لحل الأزمة، بل على العكس من ذلك فان المعطيات تؤكد تصاعدها وهي ستكون أكبر في المرحلة المقبلة".

في المحصلة، الإجراءات لن تتوقف، بل هي مرشحة إلى المزيد من التصعيد، بانتظار معرفة مصير الصراع السعودي-الإيراني في المنطقة، في ظل غياب المبادرات الحقيقية الهادفة إلى التخفيف من حدته.