في الجلسة النيابية التشريعية الاخيرة، انتفض رئيس الحكومة ​تمام سلام​ ليردّ على رئيس "كتلة المستقبل" النائب فؤاد السنيورة، الذي المح في مداخلة تقدم بها الى عدم إنتاجية مجلس الوزراء.

اليوم، نحن امام محاولة لإحياء وتفعيل العمل الحكومي. وكانت الأجواء توحي بعد جلسة الحوار الوطني، بان هناك توافقاً على انطلاقة هذه الحكومة، لكن هذا الامر يبدو معقّدًا، ولا يزال بحاجة الى مزيد من الاتصالات للتشاور في سبيل حلحلة الامور.

مصادر نيابية في "التيار الوطني الحر" اشارت الى ان الأجواء داخل هذا الفريق السياسي كانت تميل الى تخفيض سقف المطالِب في ما يخص ​التعيينات الأمنية​، بعد ان حصل اتفاق مبدئي بين "حزب الله" و"التيار" ورئيس الحكومة سلام للعودة الى الالية التي تفضي بترحيل اي ملف من الملفات، اذا اعترض عليه مكونان أساسيان من مكونات الحكومة.

وفي التقسيم السياسي الصحيح للمكونات الحكومية الاساسية، هناك "حزب الله"، تكتل "التغيير والإصلاح"، "المستقبل"، "حزب الكتائب" و"حركة امل".

وياتي هذا التقسيم بحسب حجم التمثيل النيابي لهذه القوى، لكن وزراء ​ميشال سليمان​، على سبيل المثال، لا يمثلون شيئا في توصيف الاحجام داخل هذه الحكومة، وأصبحوا وزراء فيها لان الرئيس السابق ميشال سليمان رفض التوقيع على تشكيلها، الا حال حصوله على ثلاث حقائب، والأسماء التي يختارها لهذه الحقائب.

اليوم وبعد الجهود التي بذلت لانطلاقة الحكومة، يلاحظ ان وزراء سليمان يتلطون خلف أعذار، تارة قانونية، كما ولو ان كل الحلول في لبنان تَمَّت قانونيا ودستوريا، وتارة اخرى تتعلق بصلاحيات الوزير، للثأر من رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" العماد ميشال عون، الذي يحمّله الرئيس السابق للجمهورية مسؤلية فشل التمديد له.

وتقول مصادر سياسية انه ربما في المنطق السياسي اللبناني الانتقامي يمكن تبرير تصرفات سليمان، ولكن لماذا لا يقف "تيار المستقبل" في وجه هذه المواقف، اذا كان فعلا حريصا على العمل الحكومي، وعلى صلاحية رئيس الحكومة ومركزه الدستوري، بدل ان يفتح أبواب السراي الحكومي لسليمان، كي يمارس الكباش السياسي مع رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" كما فعل طوال مدة ولايته، مما أدى الى إضعاف الموقف المسيحي في كل الاتجاهات؟

وتساءلت هذه المصادر عن الاسباب التي تجعل من قوى سياسية حريصة على مصلحة البلاد في ظل الأزمات التي يمر بها لبنان، تمنع زعيما سياسيا مسيحيا من اختيار اعضاء في المجلس العسكري، مع يقين هؤلاء ان مثل هذه التعيينات لا تقدم ولا تؤخر، لا في تركيبة الجيش، ولا في اداء القوات المسلحة، بل كل المراد ان تحجب عن رئيس كتلة سياسية، ما اخذه ويمارسه بقية زعماء الكتل.

ورأت المصادر نفسها ان الخلط بين أسس تفعيل العمل الحكومي لتسهيل عمل المواطنين كما يقول رئيس الحكومة تمام سلام، وممارسة كيدية من قبل فريق لا يقدّم ولا يؤخر في المسيرة السياسية للبنان، يساهم في عرقلة الإنجاز الحكومي، ويؤخر في الاستحقاق الرئاسي، خاصة اذا كان "تيار المستقبل" لا يزال يعتقد بان عدم تحقيق اي مطلب من مطالب العماد عون، يبعده اكثر فاكثر عن رئاسة الجمهورية، وكان مفتاح حل هذه الأزمة بين أيدي رئيس الحكومة السابق ​سعد الحريري​، او غيره من رؤساء الكتل في لبنان.

ولا تعتقد هذه المصادر ان زيارة ميشال سليمان الاخيرة الى السعودية، لها علاقة بسياق لعبة الانتخابات الرئاسية، والتي لم تنتج بعد اي شيء، ويبدو انها بعيدة جدا عن الإنتاجية، وان موقف وزرائه لا علاقة له بالتعيينات الأمنية، لان المملكة لا تتدخل في مثل هذه التفاصيل الصغيرة، بل ان ممارسة مثل هذه الامور لها أربابها في لبنان.

وتؤكد هذه المصادر انه اذا ما لم تتحرك القوى السياسية الحريصة فعلا على انطلاقة العمل الحكومي، لوضع حد للكيدية التي يمارسها بعض الوزراء، فانّ تفعيل العمل الحكومي يصبح في خبر كان، كما اصبح الاستحقاق الرئاسي في الثلاّجة.