أوضح رئيس أساقفة أبرشيّة قبرص المارونيّة المطران ​يوسف سويف​ أن "الحضور الماروني في قبرص يعود الى نحو 1200 عام، وهو في الذاكرة التاريخيّة والإجتماعيّة والكَنَسيّة لموارنة قبرص ومرتبط بلبنان وبلدان المنطقة التي أتوا منها"، لافتاً إلى أن "أبرشيّة قبرص كانت تبدأ من الجزيرة وتنتهي في منطقة المتن، لذلك إداريّاً وروحيّاً كان الإرتباط دوماً قائماً وهذا ما كان يسمح بالتواصل والزيارات المشتركة"، مشيراً إلى أن "هذه الأبرشيّة المارونيّة الصغيرة لها حضور مارونيّ ومشرقيّ في المجالس الكَنَسيّة الأوروبيّة، ما يخلق لدى سائر أعضائها شوقاً للتعرّف الى تراث كنائسنا المشرقيّة واختبارها الديني وإرثها الوطني والثقافي".

وأكد سويف، في حديث صحفي، أن "موارنة قبرص يزورون لبنان على مدار السنة، للقاء البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي والحجّ الى الأديار من مار شربل والقديسة رفقا والقديس نعمة الله، وغيرها من الأماكن المقدّسة، الى وادي قاديشا - قنّوبين والأرز والديمان إذ تشكّل كلّها معالم روحيّة رمزيّة يجدّد الموارنة من خلالها إيمانهم وهويّتهم"، مشيراً إلى أنه "يُعَدّ الموارنة نحو 10 آلاف في الجزيرة ولهم دور أساس في بناء الدولة، فهم جزءٌ لا يتجزّأ من المجتمع القبرصي، وهم أقليّة تُدرك انتماءها إلى المجتمع القبرصي ومساهمتها في بناء دولة قبرص. من جهتها، الحكومات أدركت تِباعاً أهميّة دور الموارنة ونظرة المجتمع القبرصي الإيجابيّة تجاههم لما لجماعتنا من جدّية في التعاطي على المستويَين الفردي والجماعي في الحقلين الخاص والعام".

ونوه سويف الى "الإختبار الذي يُعاش على مستوى قبرص ببعده المسكوني أيْ من خلال التواصل مع الكنيسة الأرثوذكسيّة والكنائس الأخرى وهو يتخطّى أشكالاً بروتوكوليّة ليصبح عيشاً يوميّاً للأخوّة في المسيح بالإضافة إلى الحوار القائم بين الكنائس المسيحيّة والديانة الإسلاميّة عبر كبير المفتين في قبرص".

ولفت إلى أن "الموارنة في قبرص يتحدّرون من جذور لبنانية ومن المنطقة المحيطة بالجزيرة، فكانت أبرشية قبرص المارونية تبدأ جغرافياً في الجزيرة وتنتهي في جزءٍ من منطقة المتن. وإلى الأسباب الجيو- كَنَسيّة والجغرافية، ينتمي موارنة قبرص الى الكنيسة المارونية حيث البطريرك والمقرّ البطريركي، وبالتالي يلجأ الموارنة الى البطريركيّة بشكل تلقائي وعفوي كما يلجؤون الى الفاتيكان والى دول أخرى لمناقشة قضاياهم ولا سيّما المصيريّة منها"، لافتاً إلى أن "طلب هذه الأقليّة من لبنان التدخّل في بعض قضايا موارنة قبرص يهدف الى السعي لتأمين مقوّمات البقاء في المرحلة المقبلة التي نأمل أن تكون مرحلة إعادة توحيد الجزيرة حيث للموارنة وكلّ الأقليات دورٌ أساس في تفعيل المجتمع انطلاقاً من ثقافتهم وثوابتهم التاريخيّة والثقافيّة والدينيّة".

وشدد على ضرورة التحاور بين الدول "وتنزع من فكرها منطق الخوف من الآخر وتنشر ثقافة الحوار المبني على العدالة والمحبة والمصلحة العامة والإهتمام بالفقير والمتألِّم الذي لا يمكن أن يُخيف لا المسؤولين ولا الأفراد والدول لا بل هو السبيل الوحيد والأضمَن من أجل استقرار إجتماعي وسلام وأمن ثابت في المجتمعات"، مضيفاً "لا شكّ في دور البطريركية، وغبطة أبينا البطريرك مار بشارة بطرس الراعي يحمل ملفّ موارنة قبرص في قلبه وفكره، ونحن نطلعه دوماً على مستجدات الملفّ الماروني في قبرص وهو من خلال اتصالاته الإقليميّة الدوليّة يحرّك هذه المسألة فموارنة قبرص جزءٌ من أبناء البطريرك وعزيزون على قلبه، وهنا أذكر أنّ زيارة البطريرك الأولى خارج لبنان بعد استلامه مقاليد البطريركية كانت إلى أبرشية قبرص، إذ زار الرعايا والقرى المارونية وبكى مع الناس الذين يبكون الواقع المؤلم وفرح مع الذين يفرحون ويأملون في العودة الى القرى وإيجاد حلّ للمجتمع القبرصي".