وجه ​البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي​ "رسالة ​الصوم​ الكبير ويوبيل سنة الرحمة"، مشيراً الى ان هاتين المناسبتين "تشكلان "الزمن المقبول لدى الله". فالصوم الكبير زمن مميز من السنة يهيئ المؤمنين للعبور الفصحي إلى حياة جديدة".

ولفت الى ان "يوبيل "سنة الرحمة" يجعل من الصوم الكبير زمنا قويا للاحتفال برحمة الله، واختبارها وعيشها معه توبة وارتداد قلب، ومع الناس أفعال حنان وتضامن وغفران. وعبور الباب المقدس يرمز إلى رغبة في القلب والإرادة للبلوغ إلى الرحمة، ولالتزام أن نكون رحماء تجاه الآخرين، كما الله هو رحوم معنا".

وذكر انه "قبل أن يعبر الرب يسوع من حياته الخفية في الناصرة إلى حياته العلنية والبدء برسالته الخلاصية، لجأ إلى الصلاة والصوم أربعين يوما في البرية. فاستمع في أعماق قلبه إلى كلام المزامير والأنبياء، مكتشفا أكثر فأكثر إرادة الآب، وتمكن بقوة الكلام الإلهي من الانتصار على تجارب الشيطان الثلاث . والمزمور الذي كان يتلوه كل يوم "كلامك مصباح لخطاي ونور لسبيلي"، جعله يجد الكلام الإلهي الملائم للانتصار على كل واحدة من التجارب الثلاث".

وأشار الى انه "بقوة الصلاة وسماع كلام الله، انتصر يسوع على تجربة إعلان نفسه إلها بعلامة حسية هي تحويل الحجر إلى خبز، لئلا يضحي بنهج إخلاء ذاته من أجل خلاص البشر. إنها تجربة الخبز والمال والسلطة، التي يتعرض لها عالمنا، مشككا بالله وبقدرته:"أين هو الله؟ ما هي قدرته أمام قدرة البشر؟" هكذا يتساءل المشككون عابدو خيرات الأرض والمال والسلطة. ويتساءلون:"ماذا تفعل لكم الكنيسة؟ إنها عديمة القدرة على سد حاجات الناس المادية، بل عديمة التأثير على السياسيين والإقطاعيين والرأسماليين".

ولفت الى ان "الرب يسوع علمنا بانتصاره على التجربة الثانية، كيفية الانتصار على تجربة الادعاء والعجب بالنفس، التي تسمح للشخص بشرح كلام الله على هواه. فالشيطان المحتال لجأ إلى كلام إلهي في المزمور 91، لكي يخضع يسوع لهذه التجربة، فيلقي بنفسه من أعلى شرفة الهيكل، فتحمله ملائكته لئلا يصاب بضرر. كم من الناس واللاهوتيين والمعلمين والباحثين وأصحاب الايديولوجيات يجتزئون كلام الكتب المقدسة ويفسرونها وفقا لمصالحهم ومن أجل بلوغ أهدافهم! فيزرعون الشك في النفوس حول حقيقة الله، ومضامين الوحي الإلهي، وتعليم الكنيسة، ويحتلون مكان الله".

وشدد من جهة اخرى على ان "الكنيسة حريصة دائما على الفصل بين الدين والدولة، بين الإيمان والسلطة، لئلا يضع الإيمان ذاته في خدمة السلطة، ويخضع لمقاييسها".

ولفت الى ان "الرب يسوع نفسه مارس الصوم، منقطعا عن الطعام طيلة أربعين يوما وأربعين ليلة، استعدادا لبدء رسالته الخلاصية. وأوصانا بأن نصوم من دون تظاهر كاذب، بل بانسحاق قلب أمام الله، وبإصلاح في المسلك".

وأكد ان "الصيام ضروري لثباتنا في الإيمان الذي به نتغلب على جميع مصاعب الحياة ومحنها. عندما شفى يسوع صبيا مصابا بالصرع وممسوسا من الشيطان، سأله تلاميذه: "لماذا عجزنا نحن عن شفائه؟"، فأجاب: "هذا الجنس من الشياطين لا يطرد إلا بالصوم والصلاة". أجل، زمن الصوم هو الوقت المناسب للثبات في الإيمان، الذي من دونه نبقى سريعي العطب، ومثل قشة يتجاذبها الريح".

و"طلب من كهنة الرعايا تخصيص الأوقات اللازمة لكي يتمكن أبناء رعاياهم وبناتها من قبول نعمة هذا السر المقدس الذي يؤهلهم للعبور، مع فصح المسيح، إلى حياة جديدة".

وأشار الى ان "البابا فرنسيس يدعونا إلى القيام بأعمال رحمة جسدية ومادية يعددها في كل من براءة الدعوة إلى "يوبيل الرحمة"، ورسالته بمناسبة الصوم الكبير. فأعمال الرحمة الجسدية هي: إطعام الجائع، وسقي العطشان، وإلباس العريان، واستقبال الغريب، والعناية بالمريض، وزيارة السجين. وأعمال الرحمة الروحية هي: إرشاد العائشين في الشك، وتعليم الجهال، وتنبيه الخطأة والضالين، وتعزية الحزانى، ومغفرة الإساءات، واحتمال الأشخاص، والصلاة إلى الله من أجل المرضى والأموات. على كل هذه الأعمال سندان في مساء الحياة".