ظهر اليوم، سيبلغ عدد الجلسات المرجأة لانتخاب رئيس للجمهورية ال 36. فلا نصاب ولا انعقاد ولا انتخاب، بل استمرار للشغور الرئاسي. هي الصورة المعروفة سلفاً والتي لا تحتاج الى انتظار نصف ساعة من موعد الجلسة لاعلانها رسمياً.

اليوم، سيدخل النواب الى القاعة مجدداً ويعقدوا حلقات من المشاورات، قبل ان يدخل امين عام مجلس النواب عدنان ضاهر الى القاعة ليتلو بيان التأجيل الذي سينص على ما يلي: "بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني، ارجأ رئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه بري جلسة انتخاب رئيس الجمهورية التي كانت مقررة ظهر اليوم الى الاولى من بعد ظهر ... من آذار 2016"، مع ارجحية ان يكون التاريخ في الاسبوع الاول بعد منتصف آذار.

بناء عليه، سينضم الاربعاء، في الثاني من آذار 2016 الى التواريخ السابقة التي لم يدخل فيها الى قاعة الهيئة العامة 86 نائباً او اكثر ليضرب رئيس المجلس بمطرقته معلناً افتتاح الجلسة. اليوم، كل ما في الأمر، أن كتلة المستقبل ستسعى مع حلفائها الى "تسجيل سكور" في عدد المتواجدين داخل القاعة، بعدما لم يتخط الحضور في الجلسات الأخيرة نصف اعضاء المجلس. وللدفع في هذا الاتجاه، قد يحضر رئيس تيار المستقبل النائب سعد الحريري، في حال نزل رئيس المجلس النيابي نبيه بري الى مكتبه في ساحة النجمة، حيث سيتحوّل الانتباه الى ما على هامش الجلسة غير المنعقدة، اكثر من الجلسة نفسها.

وعلى الرغم من هذه الاجواء وهذا المسعى، تؤكد اوساط "المستقبل" أن لا شيء تغيّر بين الجلسة الأخيرة وجلسة اليوم، وأن الظروف لم تنضج بعد في الاطار الذي يسمح بانتخاب رئيس. لا بل ان التعقيدات الداخلية والخارجية على حالها، اذا لم تكن في حال تزايد، ما يعني أن فترة عدم انتخاب رئيس ستزداد".

في هذا السياق، يحمّل المستقبل الطرف الآخر مسؤولية استمرار هذا الواقع، "انطلاقاً من أن من يقاطع الجلسات هو من يجب محاسبته على عدم انتخاب رئيس".

الى جانب المستقبل سيحضر نواب الكتائب والتنمية والتحرير والاشتراكي. بينما القوات لن تشارك مكتملة الصفوف. واليوم، سيقتصر حضور المرشحين على النائب هنري حلو. فالأخير، يستمر في كونه مرشح مناورة من قبل الحزب التقدمي الاشتراكي، الى أن تأتي ساعة التسوية، لتذهب اصوات الاشتراكيين الى هذا المرشح او ذاك.

ومرة جديدة لن ينجح المستقبل في النزول مع مرشحه الرئاسي، رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية، الى الجلسة. ففرنجية يلتزم موقف حزب الله. وطالما ان نواب الحزب لن يستقلون سياراتهم في اتجاه ساحة النجمة، فعلى فرنجية التعامل بالمثل، والامتناع عن الحضور.

وهذه المرة ايضاً، لن يحضر العماد ميشال عون ولا نوابه الجلسة. فموقف التغيير والاصلاح لم يتبدّل، وطالما أن الظروف لم تنضج "لانتخاب الرئيس الميثاقي"، فلن يفتح التكتل الباب امام انتخابات صورية، تعيد انتاج الحقبة الماضية، منذ الطائف وحتى اليوم، بكل تداعياتها السلبية على صعيد الشراكة.

وفي الكواليس من يتحدّث عن مساعي تبذل في اتجاه رئيس المجلس النيابي لاقناعه بمهمة اخراج "ارنب" من قبعته. هل المقصود بذلك هو رئيس تسوية؟ يذهب اصحاب هذا التوجّه في هذا الاتجاه، الاّ أنهم يعتبرون ان الطبخة لم تنضج، وقد لا تسمح لها الظروف بذلك، لا بل قد تؤدي الى "شوشطتها" بفعل العوامل الداخلية والخارجية.

وفي الساعات الماضية، سمع على لسان نواب المستقبل كلام عن البدء في البحث الجدّي عن مرشحين من خارج دائرة تحالف قوى الثامن من آذار لا سيما من المرشحين الموصوفين بالوسطيين أو التوافقيين وما شابه ويمكن ان يحوز أحدهم على تأييد معظم القوى السياسية في محاولة للخروج من دائرة التعطيل القسري المفروضة على انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وهذا بالطبع يتطلب توافر المعطيات المحلية والإقليمية والدولية المطلوبة لإخراج مثل هذا الخيار إلى حيز التنفيذ الفعلي.

يجمع المعنيون على أن المرحلة الراهنة هي مرحلة استمرار الشغور لا مرحلة الانتخاب اذاً. بعد ايام، سينتقل النقاش الى امكان انعقاد المجلس النيابي تشريعياً مع بداية العقد الجديد، وهي مسألة لا تبدو سهلة في ضوء اشتراط الكتل المسيحية مناقشة قانون الانتخاب، والوعد الذي قطعه رئيس تيار المستقبل بعدم المشاركة في اي جلسة ما لم يكن قانون الانتخاب على جدول اعمالها. فيما "طبخة القانون" لم تنضج بدورها، لا في الكواليس السياسية، ولا على طاولة اللجنة العشرية التي تشكلت عقب جلسة الثالث عشر من تشرين الثاني الماضي. ما يعزز احتمال العودة الى "رزمة الحلول"، من قانون الانتخاب الى الرئاسة فالحكومة. في كل الأحوال، يبقى "اتفاق معراب" في السادس عشر من كانون الثاني 2016، ممراً الزامياً لكل ما سبق، ولكل الاقتراحات القديمة او المستجدة.