راعني نهار الجمعة 4 آذار 2016 إستشهاد أربع راهبات من ​راهبات المحبة​ التي أسسّتها الأمّ تيريزا مع مدنييّن آخرين في اليمن بأبشع الطرق.

استفزتني بقع الدم على الثوب الأبيض الطاهر.

أرعبتني وحشيّة القتل التي تفننّ بها أولئك المجرمون.

أغاظني عدم الإكتراث الدولي خاصة من الدول الكبرى ذات الأغلبيّة المسيحيّة.

أرهبني الخوف على مستقبل المسيحييّن في العالم وفي الشرق خاصة.

أبكاني ظلمُ من يدّعون الدّين بحقّ الإنسانيّة.

صرختُ وصرختُ من أعماقي مع صاحب المزمور: يا ربّ أإلى الأبد تغضب علينا؟ أإلى جيلِ فجيل تطيل غضبك؟(مز85/6). أما عدتَ تفتقدنا؟ أما عُدنا قطيعك الصغير الذي وعدته يومًا بألّا يخاف؟(لو12/32)، أين أنت أيّها الرّاعي الصالح؟(يو10/11)، هل تحوّلتَ لأجيرٍ وهربت؟(يو10/13).

كذبتَ حين قلتَ: إذا نسيَت المرأة رضيعها فلن أنساك(أش49/15). ها أنتَ تركتنا نُهجَّر من شرقنا الذي أحببتَ التجسّد فيه. ها أنتَ تتخلّى عن حاملي إسمك والمنادين بملكوتكَ. ها أنتَ لا تدافع حتى عن النّساء والأطفال. ها أنتَ لا تحمي حتى راهبات المحبّة والسلام. راهبات قَضَينَ بأبشع الطُرق دون مقاومة، وأنتَ لم تحرِّك ساكنًا.

في قمّة غضبي رفعتُ عينيّ نحوك لأعاتبكَ فإذ بي أراكَ مصلوبًا، مسمّرًا على خشبة العار، متروكًا ومرذولًا. حدّقت في عينيَك فرأيتهما دامعتَين. نظرتُ الى يدَيك فإذا المسامير غُرِزَتْ في معصمَيهما. إلتفتُّ الى رجليَك لأرى لماذا لم تهرُب بهما، فوجدتهما مسمّرتين على خشبةٍ صُنِعَتْ خصّيصًا لتشرب دمهما. صرختَ متألّمًا فأدركتُ أنّ إكليل الشوك أمعَنَ في تشويه جمالكَ وبهائك.

سمعتُ صراخًا كثيرًا، جوجٌ وماجوج حولَكَ فظننتُ أنّ ربوات الملائكة وصَلَتْ لتنقذَكَ فإذا بها أصوات الحشود الساخرة تدعوك للنزول عن الصليب يا ملك اليهود ويا إبن الله. أحنَيتُ عندها رُكبتيَّ ورأسي باكيًا أستغفرُكَ.

أستغفِرُكَ على قلّة إيماني. أستغفِرُكَ على نسيان كلمتكَ، أنتَ القائل ليس تلميذٌ أفضل من معلّمه ولا العبدُ أفضل من سيّده(متى10/24). نسيتُ عظتكَ على الجبل: طوبى للمضطَهدين من أجل البرّ (متى5/10). ألستَ أنتَ من قلتَ: سأرسلكم كالخراف بين الذئاب؟(متى10/16). أستغفركَ لأنّي ظننتُ أنّ الذئب سيحمي النعجة. سمعتُ صوتَك ترددّ لبطرس صخرة كنيستَكَ: "كنتَ وأنتَ شاب تشدَّ حزامكَ بيديك وتذهب الى حيثُ تريد فإذاصرتُ شيخًا مددتَ يديك وشدَّ غيرَكَ لك حزامَكَ وأخذَكَ الى حيثُ لا تريد"(يو21/18).

عندها وقفتُ وقلتُ إذا أتهمّوكَ أنتَ بأنّكَ بعل زبول(متى10/25) وقتلوك، فلن يرحموننَا نحن. أستغفركَ لأننّي خفتُ من يقتل الجسد ولكنّه لا يقدر أن يقتل النفس(متى10/28). أستغفركَ لأننّي نسيتُ أنّ شعور رؤوسَنا جميعها محصاة(متى10/30). ستبقى أنتَ قوّتَنا وأساس حياتَنا وبشارَتنا. لن يغلبوننا مهما فعلوا ونكّلوا وقتلوا لأننّا نثق بكَ وبقوّتكَ أنتَ الذي غلبتَ العالم(يو16/33). أقتلونا فنحن لا نركع إلّا للصلاة وإذا متنا في اليوم الثالث نقوم. مع كلّ مسيحيّ يُضطَهد ومع كلّ قطرة دمٍ تُهرَق سنصرخ بأعلى صوتنا المسيح قام حقًا قام وكنيسته باقية الى الأبد وأبواب الجحيم لن تقوى عليها(متى16/18).