من المتوقع ان يبدأ الامين العام للامم المتحدة ​بان كي مون​ زيارة الى لبنان يوم الخميس بعد ايام قليلة على زيارة الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية ونائبة رئيس المفوضية الأوروبية فيديريكا موغريني، التي بحثت الأزمة السورية وتداعياتها على لبنان سلما وحربا حيث أوضحت، بعد لقاءاتها مع كلّ من رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس الحكومة ​تمام سلام​، ووزير الخارجية ​جبران باسيل​، وتفقّدها مخيّماً للاجئين السوريين في بر الياس، أنّها ناقشت مع المسؤولين "التصميم المشترك لتقوية التعاون بين لبنان والاتحاد الأوروبي في مواجهة الإرهاب، وسياسة الدعم التي يستطيع الاتحاد تقديمَها إلى لبنان لتفعيل العوامل التي مِن شأنها حفظ الاستقرار في هذه الظروف الصعبة".

واكدت مصادر مطلعة ان زيارة بان الى لبنان تحمل ثلاثة عناوين رئيسية، تزامنا مع زيارة رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم في اليوم ذاته للبحث في مشاريع البنك لمساعدة لبنان على مواجهة أزمة اللاجئين السوريين إليه، استناداً إلى المبالغ التي تقرر تخصيصها للبنان في مؤتمر لندن للمانحين، موضحة ان العنوان الاول يتمثل بالملف السوري السياسي والاغاثي الانساني، حيث سيتفقد أحد مخيمات اللاجئين السوريين في اطار جولة يقوم بها على عدد من دول المنطقة التي تستضيف نازحين سوريين، على ضوء تطورين، الاول تدفق النازحين الى الدول الاوروبية، والثاني أزمة النازحين السوريين، والظروف المتصلة بسعي بعض القوى الدولية لتسهيل دخول السوريين إلى سوق العمالة اللبنانية، في انتظار المرحلة التي سيعودون فيها إلى ديارهم، في مقابل رفض لبناني رسمي لذلك مهما كان الثمن.

أما العنوان الثاني للزيارة، فهو لبناني من بوابة طول أمد الفراغ الرئاسي واستفحال الخلافات اللبنانية بين مختلف القوى السياسية على خلفية الازمة بعد المملكة العربية السعودية والجمهورية الاسلامية الايرانية، حيث سيخصّص بان جانبًا من زيارته للقاء المسؤولين اللبنانيين، مجددا موقف الأمم المتحدة بدعوة اللبنانيين إلى انتخاب رئيس للجمهورية وإنهاء الفراغ الرئاسي من دون تدخل خارجي، خصوصا أن هذه الدعوة صدرت في بيانات عدة لمجلس الأمن آخرها البيان الذي يدعو النواب اللبنانيين إلى انتخاب الرئيس من دون تأخير، لا سيما أن الجهود التي قامت بها كاغ لدى طهران والرياض انتهت إلى تأكيد كل منهما دعمه تفاهم الفرقاء اللبنانيين، كما أنه سيؤكد حرص المنظمة الدولية ومجلس الأمن على دعم المؤسسات الدستورية والأمنية في وجه التهديدات الإرهابية والميليشيات المسلحة.

وفي هذا السياق، لاحظت مصادر لبنانية أنّ زيارة كي مون تأتي بعد يوم واحد فقط على موعد الجلسة التي حددها رئيس مجلس النواب نبيه بري لانتخاب رئيس جديد للجمهورية في 23 آذار الجاري وبعد اسبوعين على تقديم تقريره نصف السنوي الى مجلس الأمن الدولي حول تطبيق القرار 1701 الذي أعدته ممثلته في لبنان سيغريد كاغ وعرضت فيه آخر التطورات في الجنوب وعمل قوات الطوارئ الدولية المعززة ومدى التزام الأطراف المعنيين بتطبيق القرار، كما انها ستزداد أهمية بعد التفجيرات الدموية في بروكسل وضرورة العمل على انهاء الازمة السورية ومحاربة "الارهاب".

أما العنوان الثالث للزيارة، فهو لا شكّ فلسطيني، وقد أدرج على جدول أعمال الأمين العام للأمم المتحدة، ويشمل تداعيات قرارات الاونروا تقليص خدماتها التي بوشر تطبيقها منذ بداية العام الجاري، اضافة الى برنامج الطوارئ الخاص بملف نهر البارد واعماره، والايواء للنازحين الفلسطينيين من سوريا. وتبلغت القوى الفلسطينية، أن بان سيزور ​مخيم نهر البارد​ في اليوم الثاني لزيارته لبنان (يوم الجمعة) للاطلاع على معاناة أهالي المخيم، والاستماع إلى حاجات ومطالب اللاجئين الفلسطينيين، وهي المرة الاولى التي يزور فيها مسؤول اممي اياً من ​المخيمات الفلسطينية​ في لبنان، حيث ستكون مناسبة لشرح المعاناة والفقر والبطالة وتراجع خدمات الاونروا.

وكشفت مصادر مطلعة لـ"النشرة" ان اتصالات لبنانية رفيعة المستوى جرت مع القوى الفلسطينية لاستيعاب حركة الاحتجاج والاعتراض بعدما كان مقررا اعلان الخميس اي يوم وصوله الى العاصمة بيروت يوم غضب فلسطيني واقفال كافة مؤسسات "الاونروا" لايصال الصوت اليه، وقد استعيض عنه بالزيارة الى البارد، وتسليمه مذكرة حول المطالب، سيما وان "الاونروا" قد بادرت الى تعليق العمل بالنظام الاستشفائي الجديد حتى 21 نيسان الجاري، لتبريد الاحتجاج وتنفيس الاحتقان، علمًا أنّ القوى الفلسطينية رحّبت بزيارة بان إلى مخيم نهر البارد، الذي وصفته بـ"المنكوب"، معتبرة بعد اجتماع طارئ عقدته في سفارة دولة فلسطين أنّ الزيارة تشكّل "إنجازاً ومكسباً لقضية اللاجئين الفلسطينيين، والعمل على تحقيق مطالبهم وصولاً إلى دعم حق العودة".

وبين العناوين الثلاثة، تأمل الاوساط المراقبة ان تكرس زيارة بان الى لبنان الاهتمام الدولي به باعتباره بلدًا يمثل نموذجًا فريدًا في المنطقة للتلاقي والتعايش، في ظل "الانسحاب العربي" التدريجي، في معادلة فرز المواقف من تطورات المنطقة التي ترسم خارطتها من جديد، ولكن على قاعدة التغيير، لا تكرار "القلق" و"الاسف الشديد" وغيرها من المصطلحات التي اشتهر بها بان بالتعبير عن موقفه الدولي من الملفات الساخنة.