غصّت الكنائس صباحًا بالمؤمنين الذين توافدوا اليها للإحتفال ب​رتبة القنديل​ أو ​رتبة تبريك الزيت​، وهي واحدة من مجموعة رتب الأسبوع الأخير للآلام، فيوم الأحد يُحتفل برتبة الوصول الى الميناء، أما الأربعاء فهناك رتبة القنديل، بعدها ​رتبة الغسل​ ضمن قدّاس خميس الاسرار، والجمعة صباحًا القداس السابق تقديسه ف​سجدة الصليب​ أو دفن المسيح، والسبت ​رتبة الغفران​ لنصل الى الرتبة الأخيرة وهي ​رتبة السلام​ والتي تحصل منتصف ليل السبت-الأحد قبل قداس القيامة.

إحتفالاً برتبة القنديل، تُحضّر العجينة ويُصبّ عليها الزيت، بحسب ما يشرح الراهب اللبناني الماروني الأب ادمون خشّان عبر "النشرة"، لافتاً الى أنه "يتم وضع سبعة "فتائل" لاشعالها ويجتمع الكاهن والمؤمنون لتلاوة الصلوات الخاصّة بالمناسبة حيث يتم تبريك الزيت".

ويشير الى أن "فكرة وضع الزيت على العجينة أتت انطلاقاً من الكتاب المقدس ومن رسالة القديس يعقوب، ويذكر فيها أنه وفي حال كان لديكم مريض إستدعوا الكاهن ليمسحه بالزيت ويصلي عليه لأن ذلك يساعده على الشفاء جسدياً وروحياً".

ويلفت الى أن "العجينة ترمز الى الطبيعة البشرية، ففي البدء الله عجن الانسان من التراب والمياه ونفخ فيه روحه القدوس وأعطانا إياه"، شارحاً أن "العجينة تشبه "الجبلة" أما الزيت فيشبه الروح فلولاهما لما كان هناك شيء".

تاريخيا، هناك مخطوط موجود في أوروبا يعود الى 1500 سنة ويتحدث عن رتبة القنديل. ويتابع الأب خشان، أن الموارنة كانوا يستعملون سابقًا خمسة "فتائل" انطلاقا من الكتاب المقدس ومثال العذارى الخمس الحكيمات والجاهلات الخمس، متّبعًا بحديثه مسار الكتاب المقدّس الى أن "الحكيمات زيتهنّ مشتعل ودخلن فرح العرس، وانطلاقا من هذا المثل أخذت الكنيسة فكرة اضاءة السروج بالزيت على مثال العذارى، فنضيء في فترة الصوم سراج الاعمال الصالحة لنستطيع دخول الملكوت".

ويضيف: "تأثّر الموارنة بالطقوس اللاتينية فعادوا الى إشعال سبعة فتائل عوضاً عن خمسة إنطلاقا من سفر الرؤية الذي يؤكد وجود سبعة مضاءة امام عرش الحمل".

إذاً، وخلال مسيرة أسبوع الآلام يُسمّى يوم الأربعاء بأربعاء أيّوب أيضًا، ولـ"رتبة القنديل" فيه خصوصاً معانٍ لاهوتيّة عميقة مستمدّة من مسيرة المسيح ورسالته على الأرض، لا سيّما عشيّة التحضير لاعتقاله في بستان الزيتون، وان الزيت الّذي يكرّس يحمل دلالات وعلامات مهمّة في التقليد الكنسي!

تصوير عباس فقيه