لم يحضر الى الجلسة السابعة والثلاثين لانتخاب رئيس للجمهورية سوى 62 نائبا، وذلك عكس كل التوقعات التي قيل بأنها ستكسر رقمًا قياسيًا في حضور النواب، ليصل عدد الذين سيحضرونها الى 80 نائبا.
وبرزت في ظل هذا الجمود في الملف الرئاسي معطيات جديدة، ابرزها قول رئيس المجلس النيابي نبيه بري بأنّ ايّ محاولة لطرح او فرض صيغة فيدرالية، سيتم التصدي لها بقوّة السلاح.
وتساءل احد نواب "14 اذار" بعد الجلسة الاخيرة لانتخاب رئيس للجمهورية، كيف ان الطبقة السياسية في هذا البلد، تتصرف وكأن ما يحصل في الجوار، لا علاقة له بالتطورات على الساحة اللبنانية.
وتقول مصادر سياسية ان الانتخابات الرئاسية في لبنان اصبحت مرتبطة ارتباطا مباشرا بما يمكن ان يحصل في الإقليم، وخصوصا في سوريا، مشيرة الى ان الخريطة التي يمكن ان ترسمها الدول لحل الازمة السورية، ستشمل الوضع في لبنان، وفي كل المنطقة.
وبانتظار ما ستؤول اليه المفاوضات حول الوضع السوريٍ بين المعارضة والنظام، برعاية الامم المتحدة في جنيف، تسري في لبنان سيناريوهات عدّة، ابرزها النزول الى الشارع من قبل فريق مسيحي لم يعد يقبل بتجاهل إرادة المسيحيين المتمثّلة بالتوافق القواتي-العوني، حول ضرورة انتخاب االمرشح الذي يحظى بالتمثيل السياسي الوازن، الا وهو الجنرال ميشال عون، مرورا بطرح مؤتمر تأسيسي، وصولا الى الفدرالية.
وتؤكد هذه المصادر ان القوى في الداخل اللبناني، جميع القوى، غير قادرة على فرض حل، وهي بانتظار ان تأتي كلمة السر من الدول التي تخطط لمستقبل المنطقة، بعد تداعيات الحرب السورية وبروز التطرّف الاسلامي، ولكن هذا لم يمنع الكلام عن طروحات، يرى البعض انها تشكل حلا للازمة الرئاسية والسياسية في لبنان.
ووضعت المصادر نفسها كلام رئيس المجلس النيابي بمقاومة اي طرح فدرالي بقوة السلاح، في إطار الرد على الجنرال ميشال عون ووزير الخارجية جبران باسيل، في موضوع اتهامه بالذمية، وإمكانية المطالبة باللامركزية الموسعة وغيرها.
واشارت المصادر الى ان من الواضح ان بري يرغب في كسرة الجرّة مع الجنرال، ليتخلص من اي احراج تجاه الحزب مستقبلا في ما خَص العلاقة مع عون والاستحقاق الرئاسي.
وبسبب عدم وجود معطيات جدية حتى الان حول إمكانية انتخاب رًئيس في المدى المنظور، ظهرت بوادر تشير الى ان العماد ميشال عون، وفي إطار تثبيت الميثاقية، التي يعتبرها الأساس في ملف الانتخابات الرئاسية، سيلجأ الى الضغط والى خيار يقع ضمن ما يعتبره حقاً شرعياً، الا وهو النزول الى الشارع، والاعتصامات ورفع شعار حقوق المسيحيين.
وتخوفت المصادر السياسية من ان تنزلق مثل هذه الخطوة، في حال صدقت التسريبات والمعلومات المتداولة في عدد من وسائل الاعلام حول خطوات العماد عون المستقبلية، الى خيارات اخرى، مثل اللامركزية الإدارية، او الفدرالية، وهذا سينقل الازمة الى مكان يعقدها، لا سيّما بوجود رفض مطلق من قبل تيار المستقبل، الذي يعطّل حتى الان فكرة إقرار قانون انتخاب يؤمن للمسيحيين تمثيلا صحيحا، بالرغم من عدم وجود تصور واضح من القوى المسيحية التي تصرّ على تطبيق الميثاقية المعمول بها، والتي توجت زعماء الطوائف الاخرى، على رأسي المجلس النيابي والحكومة.
وأكدت هذه المصادر انه كلما طالت ازمة الانتخابات الرئاسية، كلما ازدادت المخاوف من المطالبة بمؤتمر تأسيسي او باللامركزية وصولا الى الفدرالية.
وتعتقد المصادر نفسها ان اي توجه نحو هذه الحلول، لن يكتب لها النجاح الا اذا حظيت بدعم من "القوات اللبنانية" لا لبْس فيه، ومن البطريركية المارونية، وان حصول مثل هذا الامر ليس مضموناً حتى الساعة، وان خيار العماد ميشال عون لفرض الميثاقية في الشارع، من دون القوى المسيحية الاساس، لن يؤدّي الى نتائج ملموسة، غير انه يخلق مناخاً، وسبباً وجيهاً لتدخل الدول المعنيّة بالملف اللبناني، لحل الازمة، كما فعلت عندما عملت على تشكيل الحكومة الحالية.