علق السفير اللبناني ​خالد زيادة​ على نتائج تفجيرات بروكسيل الإرهابية والوحشية وانعكاساتها على وعي الغرب تجاه العرب والمسلمين فيدين موضوع التفجيرات، باعتبارها "تستهدف بالعمق العلاقات العربية الأوروبية والعلاقات الإسلامية مع العالم الغربي. وتؤدي إلى مزيد من سوء التفاهم بين العالمين، على الرغم من أن مرتكبي هذه الفظائع هم قلة في نهاية الأمر"، لافتا الى ان "ارتكاب مثل هذه الأعمال الإرهابية وراءه مخططون وربما يكون في أهدافهم الإساءة إلى العلاقة بين العالمين"، مشيرا الى ان "الأمر يتعلق بمسؤوليات العرب والمسلمين. ليس فقط في الإدانة، بل في تقديم صورة حقيقية للعالم الإسلامي وللمسلم وللعربي".

وذكر ب زيادة في حديث صحفي انه "منذ أحداث 11 أيلول2001، ارتكب تنظيم "القاعدة" أعمالاً إرهابية في العديد من عواصم أوروبا وخارج أوروبا، ومنها اعتداءات في إسبانيا وفي بريطانيا وأخيراً تحت عنوان "داعش" تُرتكب أعمال إرهابية. وخلال سنة واحدة ارتُكبت اعتداءات في فرنسا وبلجيكا، وهناك حالة من الترقب والذعر في العواصم الغربية. للأسف هناك إمكانية لتكرار هذه الحوادث على الرغم من الاحتياطات الكبيرة على المستوى الأمني".

أضاف: "لهذا السبب، ينبغي أن تكون هناك استراتيجيات مشتركة بين العرب، خصوصاً الحكومات العربية وبين الاتحاد الأوروبي من أجل إيجاد مراقبة أشد فاعلية. وهذا شأن أمني بالدرجة الأولى، وهناك جانب آخر يشار إليه ومن الضروري الإشارة إليه، هو تفحّص البيئات التي يخرج منها هؤلاء الإرهابيون وحتى الآن، من أحداث شارلي إيبدو ومروراً إلى باعتداءات باريس، وصولاً إلى اعتداءات بلجيكا، كل الإرهابيين يخرجون من البيئات العربية ومن الضواحي وهم يحملون هويات غربية. هناك مسألة الموقع المهم لهذه الفئات. هذا ليس مبرراً لارتكابهم هذه الأعمال، لكن الباحث في الاجتماعيات لا بد أن يأخذ في هذا الاعتبار البيئات التي ينشأ فيها فكر متطرّف ومعالجة مثل هذا الأمر تُشكل ضرورة قصوى. قد لا نتوقّع حلاً لمشكلة البيئات المغلقة يؤدي إلى نتائج مبكرة، لأن هذه مسائل تراكمية منذ سنوات، وأدت إلى نمو بيئات مهمشة على هامش المجتمعات والدول الأوروبية، وعلى هامش الثقافة الأوروبية".

اضاف: "للأزهر دور كبير في محاربة التشدد الديني ويعود ذلك إلى أسباب، أولها الموقع المعنوي لهذه المؤسسة. ولكن هذه المؤسسة ومثل أشياء كثيرة، ومثل كل شيء مرت بمخاضات الفترة الحديثة وفقدت جزءاً من دورها المعنوي، وفي الوقت نفسه تعرضت لتيارات فكرية ومسارحها. لم يعد الأزهر قلعة مغلقة واختلفت فيه الاتجاهات. لهذا السبب، هناك مطالبة واسعة بالبحث مجدداً بالمناهج التدريسية ومع تقدير الجميع لصعوبة هذا الأمر، على الأقل تحتاج إلى الوقت في تبديل التوجهات. شيخ الأزهر حالياً الشيخ أحمد الطيب رجل منفتح، ولكن الأمور كما في مؤسسة مشابهة لا تكون منوطة برأي رأس هذه المؤسسة. وهناك تقاليد قديمة ورائجة لا يمكن التغلب عليها بسهولة".

واعتبر زيادة ان "لبنان تجربة فريدة، وهذه التجربة فريدة في مجالات مختلفة وفي الثقافة. لا شك كان لبنان رائداً في النهضة العربية إلى جانب مصر في نهاية القرن التاسع عشر. ولكن هناك ميزة للثقافة اللبنانية أنها كانت نابعة من المتجمع وليس من الدولة كما في تجارب عربية أخرى وتقوم على مبادرات"، مضيفا: "إذا كان هناك من شيء يُقال فهو دعوة النخب إلى وعي هذه الأخطار والعمل على صيانة فكرة التعدد في لبنان، ولكن فكرة التعدد ينبغي أن تكون وتترافق مع فكرة المواطنة لأننا في النهاية ينبغي أن نقر بأننا ننتمي إلى وطن هو جزء من العالم العربي، ولكن له هذه الخصوصية التي لا يمكن إنكارها. كما لا يمكن إنكار خصوصية أي دولة من الدول العربية".

واكد زيادة ان "السفير يبقى سفيراً، أنا سفير لبنان، وأعتز بذلك، أما على صعيد اللقب فلا أهتم كثيراً باللقب، ما خلا أني أبقى سفيراً لبلدي لبنان وسفيراً عربياً، ولكن أنا أولاً أستاذ جامعي ولم أغادر كثيراً كتبي وأبحاثي وهنا "أنا العائد" إلى بيروت وإلى مدينتي طرابلس".