من تعزيز الجدار الواقي للمطار الذي استوجب مؤتمراً صحافياً عقده، أمس، وزير الأشغال العامة والنقل غازي زعيتر إلى خطف الطائرة المصرية الى قبرص وسط إشكاليات عديدة راوحت بين الإرهاب والغرام والإنتقام، وفق تعدد الروايات... تبقى مسألة أمن المطارات مطروحة بإلحاح ونحن في أيام معدودة أعقبت الجريمة الإرهابية المزدوجة في مطار بروكسيل.

وليس جديداً أنّ الفكر الإرهابي لا يمكن تقييده، فمهما تعددت وتطورت الوسائل والخطط الوقائية في وجه الإرهابيين فإنهم قادرون على إبتكار المزيد كون إرهابهم مبنياً على قاعدة إنتحارية: الموت. ومن يذهب طوعاً الى الموت يتعذّر وقفه أو ردعه أو مكافحته تماماً.

والتعامل بالخطف مع الطائرات والمطارات ليس جديداً، ولقد شهدت منطقتنا خصوصاً والعالم عموماً حرب «خطف الطائرات» في عقود ماضية إنطلقت أساساً على خلفية الظلم المحيق بفلسطين وأهلها. وكان الناس ينامون على إطلاق ركاب طائرة مختطفة ليستيقظوا على خطف سواها، ليمسوا على قتلى وجرحى في ثالثة...

وأذكر أنه في العام 1979، وكنت في لندن، تحديداً في مجلة «الحوادث» الطيبة الذكر بقيادة الصحافي الألمعي (الشهيد لاحقاً) المرحوم سليم اللوزي، قبل أن تنتقل الى امبراطورية النقيب المرحوم ملحم كرم والتي دخلت إثر وفاته في غيبوبة اسوة بسائر مطبوعات دار «ألف ليلة وليلة»... وسامح اللّه الأحباء أبناء النقيب كرم، يومها تلقيت رسالة لا يمكن أن يخطر في بال صحافي أن يتلقى مثلها من قارىء، ولا حتى في الأحلام ولا في الكوابيس.

الرسالة التي لا أزال أحتفظ بها حتى اليوم بين أوراق مكتبتي، صادرة عن سجين عربي في أحد سجون دولة الإمارات العربية المتحدة يشرح فيها «ظلامته» (كما يقول) ليضيف أنه فشل في محاولة خطف طائرة، وبالتالي زُج به في أحد سجون دبي وهو يتقدم منّي شخصياً «بطلب بسيط».

أما ما هو ذلك الطلب البسيط؟ فهو أن أعمل على تشكيل فريق من بضعة شبان وأكلفهم (وأن أشارك معهم أيضاً) عملية خطف طائرة، ولا نُفرج عنها وعن ركابها إلاّ بعد إطلاق السجين ذاته، وبعد أن ينقل الى الطائرة لتتوجه به الى ... ليبيا!

ذلك كان الطلب «البسيط» (... جداِ؟!).

وعندما أطلعت الأستاذ اللوزي، رحمات اللّه عليه، وزملاءنا في مجلس التحرير على الرسالة وتلوتها على مسامعهم في الإجتماع الأسبوعي للمجلس. غرق بعضهم في الذهول، وتوالت التعليقات التي لا مجال لذكرها الآن.

وعندما رددت على صاحب الرسالة في زاوية الردود على القراء (ومن التقاليد الصحافية عدم إهمال أي رسالة ترد من القارىء) إكتفيت بأن كتبت الكلمات القليلة الآتية: «طلبك بسيط قيد الدرس... وسنعملها إن شاء اللّه.. أدعُ لنا بالتوفيق».