كشفت تصريحات رئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب ​وليد جنبلاط​ حول دعم وزير ‏الثقافة السابق ​غسان سلامة(1)لمنصب المدير العام للاونيسكو خلفًا للبلغارية إيرينا ‏بوكوفا عن تمريرة تجري تحت الطاولة، لتأمين وصول سيدة لبنانية تعمل في جزيرة ‏سانتا لوتشيا في الجزر الكاريبي، التي لرجل الاعمال اللبناني المغترب في نيجيريا ‏​جيلبير شاغوري​ علاقة وثيقة مع المسؤولين فيها.‏

وتقول مصادر دبلوماسية ان شاغوري عمل منذ فترة على تسويق اسم السيدة فيرا ‏خوري للمركز، وهو نجح في الحصول على ترشيحها لخلافة بوكوفا، بعد موافقة ‏وزير الثقافة ريمون عريجي، والخارجية جبران باسيل، ورئيس الحكومة تمام سلام.‏

وأرسل كتاب الترشيح الى ​الأونيسكو​ ضمن المهلة التي تمكن لبنان من تأمين أوسع ‏دعم لمرشحته، الا ان ثمة من تحفظ على هذا الترشيح لان السيدة خوري تقيم في ‏فرنسا وهي متزوجة من فرنسي، علماً انه سبق للبنان ان رشح في الدورة الماضية ‏البروفسور اللبناني جو مايلا لهذا المنصب ولم يحالفه الحظ لان المهلة الفاصلة بين ‏الترشيح والانتخاب كانت قصيرة، ولم يتمكن خلالها لبنان من التسويق كفاية ‏لمرشحه.‏

ومع اعلان الوزير السابق غسان سلامة ترشحه لهذا المنصب، ارتفع منسوب ‏الاعتراض على ترشيح السيدة خوري نظرًا لما يتمتع به سلامة من حضور عربي ‏وإقليمي ودولي إضافة إلى خبرته السابقة في التعاطي مع الامم المتحدة عندما كان ‏ممثلاً لأمينها العام في العراق في ظل الاحتلال الأميركي.‏

وتقول المصادر الدبلوماسية نفسها ان المساعي التي بذلت لسحب ترشيح السيدة ‏خوري لم تلقَ حتى الان اي تجاوب من قبل المسؤولين الحكوميين، وقد أتت عبارة ‏‏"ترشيحات مشبوهة" التي استُخدِمت للتحذير من تمرير خوري عبر "ازقة السراي" ‏لتعطي الاعتراض الجنبلاطي منحى آخر وتدخله في إطار حملة يتوقع ان تتفاعل ‏سياسيا وثقافيا وتربويا لمصلحة الوزير سلامة.‏

وتشير المصادر الدبلوماسية الى ان رئاسة الأونيسكو هذه المرة من حق المجموعة ‏العربية داخل هذه المنظمة الدولية، مما يجعل حظ لبنان بالفوز بهذا المنصب كبيرا، ‏علما ان المنافس الجدي الوحيد للمرشحة او المرشح اللبناني هي دولة قطر التي ‏طرحت ترشيح وزير الثقافة السابق فيها ​حمد الكواري​.‏

وتقول المصادر ان الانتخابات ستتم خلال اقل من سنة، وان الوقت كاف للبنان ‏لسحب ترشيح السيدة خوري لصالح الوزير سلامة، علما ان المديرة الحالية السيدة ‏بوكوفا رشحتها بلادها لخلافة بان كي مون في الأمانة العامة للأمم المتحدة.‏

ولم تستبعد مصادر وزارية ان يطرح هذا الموضوع من خارج جدول الاعمال في ‏جلسة مجلس الوزراء المقبلة خصوصًا بعد تغريدة للنائب جنبلاط جاء فيها: "سقطت ‏على الإنسانية المرشّحة زورا لمنصب الأمانة العامة للأونيسكو من سماء البحر ‏الكاريبي، فهي قنصل فخري لجزيرة سانتا لوتشيا قطعة من الجنة، جنات تجري من ‏فوقها القوانين وبطريق الصدف فإنّ احد كبار العارفين اليوم هو قنصل فخري لهذه ‏الجنة الضرائبية على الارض. هذه بعض المميزات الثقافية والإنسانية لمرشحة ‏الأجيال، اجيال سانتا لوتشيا واتباعها وموريدها". ‏

في الخلاصة، الأكيد أنّ قضية الترشيح المزدوج تشكّل مأزقاً حقيقياً للحكومة ‏اللبنانية، ليس فقط لأنّها تُضعِف فرص المرشحين اللبنانيين في الوصول، ولكن ‏لأنّها تعزّز صورة لبنان المترهّل والمنقسم على نفسه في المحافل الدولية، وهو الذي ‏تعجز دولته عن اتخاذ أيّ موقفٍ موحّد في أيّ قضية، ولا ينقصه سوى أن ينأى ‏بنفسه عن المرشحين تفادياً للإحراج، وهو احتمالٌ قد لا يكون بعيداً عن أذهان ‏المسؤولين!‏

(1)الوزير السابق غسان سلامة من مواليد 1951 وشغل منصب ممثل الامين ‏العام للأمم المتحدة في العراق، من العام 2003 حتى 2006، وهو أستاذ في ‏جامعة باريس، كما درس في الجامعة اليسوعية وفي الجامعة الأميركية في بيروت.‏