هو زمن البلديات. وقبل اسابيع من الاستحقاق المرتقب، تتجه الأنظار الى ما يحاك بين الرابية ومعراب، وسط تساؤلات عمّا يمكن ان يحققه في استحقاق يتداخل فيه الطابعان الحزبي والعائلي، وهل سيكون التيار والقوات في ثنائية انتخابية في مواجهة الجميع؟ ام ان شيئاً آخر يعمل عليه؟

كبريال مراد​ | صدى البلد

منذ اكثر من سنة والزرع في حقل استعادة الشراكة والحضور مستمر. اينع في الثاني من حزيران 2015 "اعلان نيات"، واثمر في الثامن عشر من كانون الثاني 2016 اتفاقاً بات من الصعوبة بمكان تجاوزه.

امس، وهو عائد من اجتماع في الرابية للبحث في آخر ما آلت اليه الاتصالات البلدية، وقبيل لقائه الأمين العام لحزب الطاشناق النائب اغوب بقرادونيان للبحث في التوليفة البلدية في عدد من البلدات والقرى، أخرج امين سر تكتل التغيير والإصلاح النائب إبراهيم كنعان امام مجموعة من الإعلاميين، بعضاً من الكثير الذي في جعبته، محتفظاً لأمانات المجالس بمعلومات ومعطيات، وتاركاً حصّة دسمة للمرحلة المقبلة، اذا ما سمحت الظروف بكشفها.

لا هدف إلغائي

بين القهوة وأغنيات فيروز، وحديث الساعة، يستأذن كنعان لتلقي اتصال هاتفي، للاتفاق على موعد، او للتشاور في شأن الخطوات المرتقبة، قبل ان يغوص في هدف التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية من الاستحقاق البلدي، ليؤكد قبل كل شيء "أن الاتفاق المسيحي بين التيار والقوات لا يهدف الى الغاء أحد، بل إن الاتفاق المسيحي-المسيحي رافعة للتفاهم المسيحي الأكبر".

يفهم من كنعان أن لا حرب الغاء على أحد. لا بل يشدد على هذه النقطة. فمن عاش الابعاد والسجن والتهميش والاقصاء، ويسعى الى استعادة الحضور والدور، ليعود للصيغة معناها، لا يمارس مع سواه، ما يرفض ان يمارسه سواه عليه.

وفي هذا الاطار، تأكيد من أحد عرابي الاتفاق المسيحي ان "لا في الرابية ولا في معراب نية لاستخدام الاتفاق، بما يتضمنه من قوة دفع وتمثيل وتأثير، لاخضاع احد، او تذويب أحد، بل يسعون عملياً لأن يشكّل أرضية للجمع على طريق استعادة الشراكة". فإذا نجح الهدف على صعيد البلديات، سينتقل العمل ليشمل التحضير للانتخابات النيابية، بما يسمح بتحقيق اكبر عدد ممكن من المقاعد المسيحية، بالصوت المسيحي. فإذا بقي القانون الحالي، شكّلت الاتفاقات المسيحية قوة الدفع لوضع حد للعب على الانقسامات المسيحية-المسيحية، لاضعاف التمثيل، على ما هو حاصل منذ الطائف.

على الطاولة التي امامه في غرفة الجلوس، مجموعة أوراق ومستندات. بعد التدقيق، يتبيّن انها دراسات تشمل العديد من القرى والبلدات في مختلف المناطق. يتجنّب كنعان الدخول في تفاصيل ما بين يديه، لكنه يؤكد أن خريطة الورشة البلدية ستشمل المدن الكبرى التي فيها ثقل مسيحي، لتترك الخصوصية العائلية في مناطق أخرى.

هنا يحضر الحديث على سبيل المثال لا الحصر عن زحلة، والقبيات، وجونية، وبيروت. دارت الماكينات، ليشكّل التفاهم المسيحي المفتوح على الآخرين، السيبة التي سيبنى عليها الحضور القوي في البلديات.

ووفق المعلومات، فإن العديد من القوى التي خارج تفاهم التيار والقوات بدأت تواصلها، لتبدأ القصة اتصال فلقاء، فانضمام الى التحالف ربما، وهو ما ستكشفه الأيام المقبلة. ووفق معلومات "البلد"، انه وبعد اللقاء الذي جمع منذ أسبوعين التيار والقوات في زحلة، والذي وجهت خلاله الدعوة الى كل ممثلي النسيج الزحلي، وحضر فيه النائب ايلي ماروني عن الكتائب، وبرز خلاله تمثيل الكتلة الشعبيىة، حصلت اتصالات مع الرابية، وسط معلومات عن زيارة قريبة لرئيسة الكتلة الشعبية ميريام سكاف اليها، بعدما زار الرابية ايضاً النائب نقولا فتوش. ما يؤشّر الى امكان التوصل الى تفاهم واسع في عروس البقاع.

وفي القبيات، وما تحمله من رمزية للحضور المسيحي في عكار ومحيطها، تبرز ايضاً عملية حياكة تفاهم واسع. اما في بيروت، وبينما تنقسم المقاعد البلدية الـ24 عرفاً بالتساوي بين المسيحيين والمسلمين، فإن التفاهم المسيحي سينسحب بدوره عليها، بلدياً واختيارياً، ليتمثّل كل طرف بحسب حجمه.

لقاء نيابي موسّع

كل ذلك يؤكد أن مرحلة اللعب على التناقضات قد انتهت، وأن مرحلة جديدة بدأت. وبعد لقاء زحلة، منذ أسبوعين، تتحدّث المعلومات عن لقاء مماثل في كسروان، توجّه فيه الدعوة الى كل القوى، تليه لقاءات في جبيل والبترون والمتن الشمالي وبعبدا وعاليه لترجمة فكرة الجمع لا التفرقة على الصعيد المسيحي. قد يقتصر التجاوب في هذه اللقاءات، على الحضور الشكلي نعم، الاّ ان منطق الأمور وواقع الحال يؤشّر الى استكمالها باتصالات ولقاءات.

من هنا، وإذ يؤكد كنعان ان "الاتفاق المسيحي ليس لعزل الشريك، بل لتعزيز الشراكة وإعادة تكوين العلاقة على أسس سليمة وصحيحة وثابتة"، يكشف عن لقاء نيابي مسيحي موسع يعمل عليه لينعقد في وقت قريب، لطرح الميثاقية على المستويات كافة، في الرئاسة والإدارة وقانون الانتخاب والانتخابات النيابية".

في الكواليس، لا يغيب الحديث عن كيفية العمل على استعادة الشراكة. وبينما ترفع القوى المسيحية الصوت ليستجيب الشريك، لا تبدو تحركات الشارع مستبعدة. والحديث هنا ليس عن تحرك رمزي، بل لقاء او لقاءات سيكون لها اثرها، لا سيما أنها ستسعى لجمع مروحة واسعة من القوى المسيحية تحت مظلّتها.

وسط هذا المشهد، يسمع كلام عن ان الباب مفتوح امام الجميع، "ولن نستبعد احداً، ولكن، من لا يتجاوب مع هذه الأفكار والطروحات، يقصي نفسه بنفسه".

بعيداً من البلديات، برز ارجاء رئيس المجلس النيابي نبيه بري جلسة الحوار الى 20 نيسان الجاري. أسابيع فاصلة تؤشّر الى ان محاولة بري عقد جلسة تشريعية بمن حضر، لم تمر. فالممانعة المسيحية باتت مسألة لا يمكن تجاوزها. ووسط مشهد الشغور المستمر، تشير معلومات "البلد" الى أن الأسابيع المقبلة قد تحمل معها مفاجأة على صعيد الاتفاق المسيحي-المسيحي على قانون انتخاب، يصحح خلل السنوات الماضية، ويفتح الباب على إعادة تكوين السلطة على أساس الشراكة والتمثيل الصحيح.