هل يبدأ العد العكسي لإسقاط الرئيس التركي رجب طيب أردوغان؟ سؤال يستتبعه سؤال آخر عما إذا كان الجيش التركي يستعدّ للقيام بمهمة الانقلاب هذا على أردوغان، خصوصاً بعدما دحرج تركيا قهقهرياً إلى فترة الخمسينيات من القرن المنصرم عندما أسقط الجيش رئيس الوزراء عدنان مندريس وعلّقه على حبل المشنقة، غير أن جريمة أردوغان لم تكن بتأسيسه حزباً إسلامياً سياسياً، كما مندريس بل هو يريد العودة بالمنطقة إلى قرون مظلمة تذكر بمراحل إنسان النياندرتال.

ما يعيد التذكير بهذا الواقع، الاستقبال الباهت لأردوغان في الولايات المتحدة، رغم لقائه الرئيس الأميركي بارك أوباما، وهو ما ترك صدمة في أنقرة التي تعيش تحديات داخلية غير مسبوقة من المعارضة الكردية واليسارية والعلمانية والدينية، من دون تجاهل المصاعب الاقتصادية التي أثرت في الوضع التركي وعقّدته إلى حدٍ بعيد ولا يبدو أن سياسات أردوغان تؤتي أكلها لوجود منافسين إقليميين ومصدّات عربية مانعة للتوغل عدا عن التوافق الروسي الأميركي الذي جعل تركيا في خضم عاصفة لا يبدو أنها ستنجلي قريباً. وهنا لن ينفع الثنائي أردوغان ـ أوغلو الاستنجاد بالعاصمة الإيرانية طهران لحفظ ماء الوجه والخروج من عنق الزجاجة التي بدأت تضيق أكثر وأكثر، لا سيما وأن هذا الثنائي يدرك أن حليفهما تنظيم «داعش» أصبح في نهاية حقيقية، بعدما أصبح في حالة من التشظي والتخبط والانقسام والتناحر.

فهل تبدأ أنقرة بعد هذه الوقائع بمراجعة حساباتها، خاصة بعدما شعرت بارتفاع المعنويات لدى الجيشين السوري والعراقي وحلفائهما في المرحلة الراهنة؟ وهل بدأت تركيا بدفع الثمن كونها طرفاً أساسياً في الأزمتين السورية والعراقية؟

يدرك أردوغان أن الدائرة تضيق رويداً رويداً حوله وقريباً ستكون مُقفَلة عليه، وأن ليس ثمة من خرم إبرة بإمكان الفرد بنسخته التركية الراهنة التسلل منها، أو القفز فوقها؟

في سورية والعراق، حيث الانتصارات تتالى على التنظيمات الإرهابية، كان أردوغان طرفاً فاعلاً في التدمير الممنهج للدولتين، وسلوكه يُعيد إلى الذاكرة مصطلح «الحنديري». وهو مصطلح لمن لا يعرفه يعني «السيور الجلدية» التي توضع على جانبي عين الحصان ليرى ما أمامه فقط ولا يرى ما يحيط به.

وها هي «سوراقيا» تتخلّص من جميع أنواع «الحنديريات» وترميها في مزابل التاريخ، فمتى يتخلّص الأتراك من رعب الاستغناء عن «الحنديري» أردوغان؟

في زمن أردوغان سيجد الإنسان «السوراقي» قريباً، متنفساً من الإجرام الممارس ضده في الضحك على نهاية أردوغان وسيناريواته العبثية، بوصفه تحرراً، ولو جزئياً، أو بوصفه تنفيساً عن متعة مكبوتة، بحسب فرويد.

لطالما شكلت الشوارب جزءاً من الرجولة الوهمية عند الأتراك، وهنا ننصح أردوغان إلى الابتعاد عن كل ما له صلة بمنظومة «اهتزاز الشوارب» وهوسات «السلطنة».