تزامنا مع وصول قوّات اللواء 65 في الجيش الايراني الى ريف ‏حلب الجنوبي، بدأ الجيش السوري وبشكل مباغت، بشنّ هجمات ‏عنيفة على مواقع مسلّحي جبهة "النّصرة" والميليشيات المسلّحة ‏الرّديفة في أرياف حلب وإدلب بمؤازرة جوّية روسيّة مركّزة، على ‏وقع تواتر تقارير غربيّة تقاطعت مع معلومات كشفت عنها صحيفة ‏‏"ديفينس نيوز" الأميركية، لفتت فيها الى انّ الجيش السوري سيقود ‏مع حلفاءه في الفترة القريبة القادمة عمليّات هي الأضخم في حلب، ‏كاشفة انّ طهران وموسكو حشدتا للمعركة أرضا وجوّا حيث وصلت ‏قوّات عسكريّة ايرانيّة كاملة الى جبهاتها، مُرفقة بطائرات رصد من ‏دون طيّار ومُدعّمة بأنظمة صاروخية متطوّرة، في حين زجّت ‏موسكو بفِرق برّية خاصّة واستحضرت منظومات صاروخية هامة ‏من قاعدة حميميم رجّحت الصحيفة ان تكون "اسكندر أم" الهجومية ‏التكتيكية من ضمنها، من دون استبعادها ان يكون الرئيس الرّوسي ‏فلاديمير بوتين قاب قوسين او أدنى من اطلاق مفاجأة عسكريّة مدوّية ‏باتجاه أنقرة.. من بوّابة حلب!‏

وفق اشارة ضابط الإستخبارات الأميركي السابق جيفري وايت، فإنّ ‏واقعة إسقاط طائرة حربيّة سورية من طراز "سو22 " في الخامس ‏من الجاري بصاروخ أرض-جوّ أطلقه مسلّحون من جبهة "النّصرة" ‏في ريف ادلب، لم تمرّ مرور الكرام في دوائر موسكو الإستخباريّة ‏وكانت حافزا هاما لتنصّل دمشق من الهدنة. فهذه الواقعة فتحت ‏الأعين مجددا على تواتر المعلومات التي اكّدت حصول الجبهة ‏مؤخرا على صواريخ ارض-جوّ أمّنتها السعودية بالتعاون مع ‏الاستخبارات التركية عبر تركيا. مؤسسة " ‏the century‏ ‏‏“‏Foundation‏ الأميركية كشفت انّ تلك الصواريخ وصلت بالفعل ‏الى مسلّحي "النّصرة" في منتصف الشهر الفائت عبر بلدة الرّيحانيّة ‏المحاذية للحدود السورية، مُرفقة بإمدادات تسليحيّة مكثّفة تمّ ايصال ‏كميات كبيرة منها الى تحصينات مقاتليهم في حلب، مشيرة الى قرار ‏سعودي-تركي حاسم بعدم اعطاء اي فرصة للأسد وحلفائه بتسجيل ‏نصر في تلك المدينة الإستراتيجيّة "التي ستؤسّس لانتصار تاريخي ‏لهم في كامل سورية"، في وقت لفت تقرير لصحيفة "كوميرسنت" ‏الرّوسية، الى انّ السعودية تضغط على السُّلُطات الأردنية بضرورة ‏المساعدة العسكرية بترجمة سيناريو انطلاقا من درعا،من دون ‏حصولها حتى الآن على موافقة تلك السُّلُطات، مذكّرا بأنّ ما ما شهدته ‏مدينة اربد في شمالي المملكة من تحرّك خطير لخلايا داعشيّة الشهر ‏الماضي، أتى بمثابة رسالة سعودية حاسمة للأردن، سبقها تحذير ‏عالي السّقف حمله موفدون أمنيّون سعوديون الى عمّان في نهاية شهر ‏شباط الماضي، من مغبّة تراجع سُلُطاتها عن تسهيل عبور الجماعات ‏المسلّحة عبر حدودها الى الدّاخل السوري.‏

الا انّ لدمشق وحلفائها.. رأيا آخر. رسالة حادّة في مضمونها ‏وتوقيتها عبرت من غرفة عمليّات حلب الى رعاة جبهة النّصرة ‏والميليشيات المسلّحة الأخرى "كافة القوّات الروسية وقوّات حزب الله ‏والايرانيّون وصلوا الى حلب لفتح بوّابة جهنّم على المسلّحين شمالا، ‏جنوبا وغربا، وسيشهد هؤلاء معارك ستكون مدمّرة لهم بقيادة الجيش ‏السوري وحلفائه". هذا التحذير الذي أتى بمثابة رسالة روسيّة "الى ‏من يهمه الأمر" في حلب -وفق توصيف صحيفة "اسرائيل هيوم" ‏العبرية، -والتي اعتبرت انّ "منازلة" هذه المدينة – حُلم اردوغان ‏التاريخي- هامة جدا بالنسبة للقيصر الرّوسي "الذي يبدو انه جهّز فيها ‏مفاجآت كثيرة "انتقاما" لواقعة اسقاط المقاتلة الرّوسية واستفزاز ‏مسؤولي أنقرة لهيبة روسيا في المنطقة"، أعقب اعلانا ايرانيّا على ‏لسان منسّق وحدات البرّ في الجيش الايراني العميد علي اراسته، اكّد ‏فيه ارسال قوّات مشاة الى سورية لتُضاف الى فِرق خاصّة في سلاح ‏البرّ بمعيّة فِرقة من أمهر القنّاصين الايرانيين. وكالة "تسنيم" الايرانية ‏التي كانت نقلت عن اراسته انّ اللواء 65 في الجيش الايراني ‏سيشارك بالمعارك الى جانب الجيش السوري في حلب، كشفت عن ‏الحاق طائرات رصد من دون طيّار باللواء المذكور لمؤازرة ‏الوحدات الإستكشافيّة، ناقلة عن ضابط رفيع المستوى في الحرس ‏الثّوري الايراني اشارته الى انّ معارك حلب ستخرقها "مفاجآت ‏صادمة"، جازما انّ الخطط العسكرية الموضوعة قد تمّ إنجازُها مع ‏القادة والمستشارين الأمنيين الرّوس وقيادتي دمشق وحزب الله.‏

وبالتزامن، كشف المراسل الحربي الروسي " الكساندر كوس" انّ ‏فِرقا عسكرية روسيّة –شاركت احداها في معارك تحرير تدمر- ‏ستتموضع قريبا في نقاط شمالية محددة من دون تأكيد او نفي مشاركة ‏المئات من الجنود الرّوس في المعارك المنتظرة في حلب- حسبما ‏سرّبت مصادر صحافية روسية-. واذ لفت الى احتمال مشاركة ‏مقاتلات ايرانيّة الى جانب الروسية في التغطية الجوّية لتلك المعارك، ‏مشيرا الى ان العمليّات التي يقودها الجيش السوري حاليا في ريف ‏حلب الجنوبي هي تمهيد للحملة العسكرية القادمة، اكتفى كوس ‏بالإشارة الى انّ امر انطلاق العمليّات في حلب والتي ستُصنّف ‏بالأضخم منذ بدء الحرب السورية بات محددا وسيكون مفاجئا.‏

وعلى وقع التعزيزات العسكرية الضّخمة التي استقدمها الجيش ‏السوري وباتت على تخوم خطوط النّار في حلب وإدلب، في ظلّ ‏تسريبات صحافيّة عبريّة كشفت عن أسلحة روسية هامة تمّ شحنها ‏بالتزامن الى سورية بعد إماطة اللثام عن وجود منظومة "اسكندر أم" ‏الصاروخية في قاعدة حميميم من دون اعلان روسيّ، يلفت كون ‏كوغلين- المحلل في صحيفة دايلي تلغراف البريطانيّة، الى انّ الرئيس ‏السوري بشار الأسد عازم على استعادة كامل الأراضي السورية ‏وتطهيرها " وهو أمر يبدو انه لم يعد بعيد المنال" – وفق تعبيره-‏