نجح الحلف العدواني الذي يُشَنّ على سورية منذ سنوات خمس في نقل الأزمة من كونها أزمة مكان وموقع سورية ودورها المحوري، إلى أزمة شخصية تمسّ دور الرئيس بشار الأسد، في الماضي، والحاضر والمستقبل. وهو دور لا يمكن له أن يسير ومشاريع الشرق الأوسط الجديد القائم على المذهبية والعرقية، كما على تقسيم المجتمع جماعات وشعوباً.

فهل هنالك اسمٌ ثانٍ للجحيم؟ نعم، هي المعارضة الخائنة التي تنفّذ هذه المشاريع عن سابق إصرار وتصميم، ولذلك لم تكن مصادفة أن يتقارب احتدام النار الصهيوني في الجولان المحتل، وهذا التفجير الذي أعلنه الإرهابيون في مناطق سورية متعدّدة من جهة، وبين تلك الوجوه المقيتة المعارضة التي طالما غنّت على جراح السوريين باسم الاستبداد والألم، وكل همّهم تعويض النقص الحاصل في منظومتهم الشخصية الخيانية، المتلوِّكة، بحثاً عن ربطة العنق، والامتيازات والفضائيات.. ووجوه جديدة!

السؤال هنا هل هي أزمة تراكم الوجوه الخيانية وسئمها والتي باتت مستهلكة جداً في ذاكرة الفرد السوري وما إن تبدِّل هذه الوجوه أقنعتها أمام الشعب، وتحظى بمباركات من الرياض وأنقرة والدوحة، والكيان الصهيوني، تعيد لها إنتاج نفسها بشكل جديد، أم هو صراع حقيقي ذو سمة تغييرية لمعطيات المرحلة وقادتها اليائسين؟

التحوّل الحاصل على مستوى الميدان لمصلحة الجيش السوري وحلفائه سيتم توظيفه في الميدان السياسي، وهو ما لم يُعجب الحلف العدواني فكان لا بد من تفجير الجبهات عسكرياً بطلب تركي، وسياسياً عبر الطلب السعودي من الكيان الصهيوني بالضغط السياسي عبر جبهة الجولان لرفع معنويات المسلحين المنهارة. هو مسار جديد بلا أدنى شك في تحول السلوك العدواني عبر استخدامه العدو الصهيوني بشكل مباشر وبطلب سعودي. لكن هل سيكون هذا المسار بمستوى الطموح، لكسب الإمَّعات العسكرية والسياسية في الفصل ما قبل الأخير من الحرب الكونية على سورية؟

لا شك في أن أمام البرلمان السوري الجديد الكثير الكثير من العمل لتأصيل مبدأ حقيقي للهوية الوطنيّة للفرد والجماعة، وإلزام حتى المقدس بمفهوم المواطنة، والرضوخ لها في بناء مجتمع عادل. وأمامه الكثير جداً لمحو أكثر من مفهوم للتأكيد بأننا لسنا جماعات وشعوباً، واستبدال ذلك بحقيقة الانتماء الوطني فحسب، وأن كوننا مجتمعاً واحداً يكفل وحده بناء دولة حقيقية ذات أسوار وأنوار.. وهي تلك الدولة المدنية العلمانية، وبدونها نحن لا شيء.

سيقف في المستقبل القريب قادة العدوان، على الصعيدين الدولي والإقليمي، ليؤكدوا بأن سورية ليست سبباً وحيداً لهذا الـ «صداع» الذي ينتابهم في أحلامهم منذ خمس سنوات، بل ليشيروا إلى أن «الصداع» الأكبر هو ما يسببه لهم الرئيس بشار الأسد، فهل سيطلقون على الرئيس أسم «صداع الأسد»؟