يحيّرك وضع الصحافة الخليجية عموماً والصحافة الكويتية تحديداً... فالنظرة «الخارجية» الى هذه الصحافة تعطيك انطباعاً بأنها في أحسن حالاتها إطلاقاً. أي، باختصار، هي تسير عكس التيار.
فبينما تسيرُ صحافة الورق في العالم كلّه الى الإنقراض، وأقلّه هي في تراجع كبير معروف، ومعتَرَفٌ به، ومعلَنٌ (...)
إذا الصحافة في الكويت تبدو كأنها في عزّ إزدهارها الذي عرفته قبل سنوات.
وبينما يتقلّص عدد الصفحات في معظم الصحف العالمية الكبرى، يبقى عدد الصفحات على حاله في الصحف الكويتية إن لم يكن يزداد. وهو في حدود 50 صفحة في النسخة اليومية.
وبينما تستغني الصحف العالمية الكثيرة عن الألوان في «الداخل»، تتجه الصحف اليومية في الكويت الى مضاعفة، «الملازم» الملونة.
والأخطر، بينما تعلن أمهات الصحف العالمية الضخمة (في الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وبريطانيا وسواها من البلدان الغربية) عن قراراتها التحوُّل الى الصحافة الإلكترونية والإستغناء عن الطباعة الورقية، تشهد كواليس الصحافة في الكويت استعدادات لإصدار ورقي لمطبوعتين يوميتين قيد التداول... بل إن أصحاب أحد هذين المشروعين بدأوا يعدّون العدّة لمفاوضات مع إعلاميين صحافيين من الكويت وخارجها!
أين السرّ، في هذه «العافية» التي تقتصر على صحافة الكويت دون سواها من صحف العالم قاطبة؟
وهل هناك سرّ حقيقي؟
وهل ما يجري على هذا الصعيد هو صحةٌ أو إنتفاخ أو ورمٌ؟!
السؤال طرحته على صديق كويتي شغل موقعاً قيادياً في الإعلام الرسمي فأجابني قائلاً:
أولاً - لا مجال للمقارنة بين أوضاع الصحافة اللبنانية والصحافة الكويتية. وهنا لا أدخل في النوعية، فقط أتحدّث عن الظروف الإقتصادية في كلا البلدين.
ثانياً - يجب الإقرار بأنّ نسبة القراء الى تراجع هنا، في الكويت، وفي العالم كله... إلاّ أنّ الصحف في عالمنا لا تعتمد على اعداد القراء.
ثالثاً - إنّ معظم الصحف الكويتية ينطلق من قاعدة ثابتة وهي أنّ وراءها مجموعة من كبار المتمولين وأصحاب الشركات والوكالات الضخمة.
رابعاً - (واستطراداً) - إن الإعلانات متوافرة للصحف من الوكالات التي يملكها اصحاب الصحف وناشروها، وهذا مورد لا ينضب.
خامساً - إن التلفزيون لا يستطيع أن ينافس الصحف هنا، لأن الأخيرة تملك قدرة من حرية الإعلام في القطاع الخاص، وهو ما لا يملكه القطاع العام!
سادساً - أنّ الصحيفة اليومية (الورقية) في الكويت هي بمثابة مجلة يومية منوّعة توفر مادة لا تزال مقروءة. لذلك هي صاحبة دور.
سابعاً - ثم إن السلطة في الكويت تنظر بإيجابية الى الصحافة، وليست في وارد أن تسمح بتعرضها لنكسة ضربات جديّة.