لم يطغَ الاستحقاق البلدي في مرحلته التحضيرية والتنفيذية على ملفات أو استحقاقات اخرى تعيشها الساحة اللبنانية، اذ بقي موضوع الانتخابات الرئاسية فارضاً ذاته على الحياة السياسية خصوصاً ان اجراءات عدة وقرارات نوعية يتطلب حسمها قراراً رئاسيا غير متوفر حالياً نتيجة الفراغ.

ولأن مصير لبنان مرتبط بأزمة المنطقة فإن الكلام عن طي الفراغ الرئاسي او تعديل نظامه الحالي على وقع الفراغ الرئاسي هو حتى حينه على عاتق القوى الداخلية حسب اوساط دبلوماسية غربية بأنّ مرحلة عدم الاهتمام الدولي - الاقليمي بلبنان الا من زاوية الحفاظ على استقراره السياسي - الامني - الاقتصادي لا يسقط فرصة حسم القوى الداخلية للازمة الرئاسية بتوافقها على رئيس من بين مرشحين علنيين اي العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية، او الطبيعيين الذين يتداول بهم لدى كل استحقاق لكون المراجع الخارجية لن تدخل الى هذا الملف منعاً لاي مقايضة او فتح باب الصفقات في الوقت الضائع لا سيما ان الادارة الاميركية هي في مرحلة انتقالية لانشغال الولايات المتحدة بالانتخابات الرئاسية بما يجعلها غير قادرة على عقد اي تبادل سياسي مع ايران في هذا الوقت، في موازاة عدم جلاء المشهد النهائي للازمتين السورية والايرانية اللتين تملك ورقتهما السعودية الى جانب كل من روسيا وواشنطن وإيران.

ولذلك تعتبر الاوساط الديبلوماسية الغربية انه في حال قبلت كل القوى السياسة في لبنان على انتمائها «المحاوري» بانهاء الفراغ لمصلحة البلد وانتخاب رئيس للجمهورية، فلن تكون امام عوائق خارجية لا بل من الصعب عندها على اي فريق ان يعطل انتخاب الرئيس اذا ما بدا القرار الداخلي متقدماً، لكن اذا امتد الفراغ حتى انهائه مع حل الازمتين اليمنية او السورية فعندها سيكون رئيس الجمهورية المقبل ملزماً لكل القوى وعليها ان تسهل انتخابه وفق صيغة تقارب تسوية الدوحة لان عندها ستنطلق كلمة السر من رأس الهرم الدولي لتأخذ مداها اتساعاً اوروبياً - اقليمياً وداخلياً، لكن ذلك لن يكون في المدى القريب بل سيتجاوز السنة من تاريخنا الحاضر.

اما ماذا عن تعديل النظام الحالي اي اتفاق الطائف؟

لا تنكر الاوساط الدبلوماسية الغربية وجود رغبة ايرانية استراتيجية لايجاد صيغة لبنانية بدلا لاتفاق الطائف لكن ذلك لن تدخل فيه اي جهة دولية مسايرة لايران نتيجة لصفقة ما معها، لكونه بداالصيغة الامثل التي سيتم اعتمادها لكل من سوريا واليمن اذا امكن، عدا ان التوجه الدولي لطي الازمات الاقليمية التي انتجت التنظيمات الارهابية لن يحمل انفجار ازمة جديدة في لبنان ليتم على اثرها تعديل نظامه.

لكن تتابع الاوساط الغربية اذا ما ارادت القوى اللبنانية بالتراضي والتوافق ان تعيد النظر في اتفاق الطائف من خلال مؤتمر تأسيسي فهذا الامر يعود لها والتوازنات المتحكمة بالساحة الداخلية، جازمة انه لا توجد اي رغبة غربية بكسر كل من السنة والمسيحيين والدروز بالزامهم الخضوع لنظام جديد غير مؤيدين له منعاً لعدم انسحاب المشهد العراقي على الساحة اللبنانية، حتى انه من غير الممكن ان يتم ربط تعديل النظام اللبناني بأي تقدم للازمات الاقليمية اذ ان لبنان بحاجة فقط الى رئيس للجمهورية «يطمئن المسيحيين والمسلمين ويدوزن العلاقات بين القوى السياسية» وهو المطلوب من الرئيس المقبل وليس اكثر لكون التسويات التي ستشهدها المنطقة لحل الازمات بين الدول ستجعل مصدر الاطمئنان لكل المكونات في اي بلد من خلال تفاهم جامع ليس مرتبطا حصرا برئيس للبلاد. بل من خلال إدارة جماعية من باب المؤسسات...