«لن أعود من سورية إلا شهيداً أو حاملاً راية النصر». قالها الشهيد مصطفى بدر الدين، وها هو يعود شهيداً.. وراء الأضواء لا أحد ينظر الى اغتيال هذا القيادي المقاوم، على أنه حدث عادي، هزة، ولها ارتداداتها، من دون أن يعرف أحد، منذ الآن، ماهية هذه الارتدادات التي سيقوم بها حزب المقاومة؟

يلفّك الألم.. وتتوالى الصدمات.. تقاوم بفعل الإصرار على البقاء.. لكنك تقف على عتبة التحمّل متسائلاً: أي دور للاستخبارات التركية والصهيونية في اغتيال هذا النسر المقاوم؟.. وما علاقة هذه العملية الأمنية الكبيرة بما نقلته صحيفة «حرييت» التركية لتصريحات القنصل الصهيوني في اسطنبول، شاهي كوهين، التي أفاد فيها أن هناك احتمالاً للقيام بعملية مشتركة مع تركيا عملانية واستخبارية في سورية؟

وإذا تمّ التأكد من هذا الدور المشترك للاستخبارات التركية الصهيونية في عملية الاغتيال من حق حزب الله أن يعيد النظر ليس في قواعد «اللعبة» فقط، وإنما أيضاً في إعادة هيكلة استراتيجية العمل داخل الأرض السورية والعراقية كما اللبنانية والفلسطينية.

مصادر مؤكدة، بعضها موالٍ لحزب العدالة والتنمية الحاكم، وبعضها موجود في مراكز أمنية ويُخفي معارضته لأردوغان، أفادت كلها بأن الحكومة التركية لها ذراع – من خلال تعاونها مع الصهاينة – في جريمة اغتيال الحاج ذو الفقار، وإذا ما تأكد هذا الأمر فيكون أردوغان قد أمر عقله بالتوقف عن العمل، ولطالما وصف المستشرق الفرنسي اوليفيه روا هذا السلطان التركي المستجدّ بـ«الراقص فوق جثث كثيرة».

يقيناً أن المقاومة التي تعمل من دون ضجيج والساكتة عن رعونة التكفيريين وداعميهم ستُبقي يدها على الزناد في مواجهتها للتحالف الأغبى الذي عقده الذئب الصهيوني مع الحمار التركي.

مقاومتنا المتواصلة أورثتنا مناعة ضد الموت حتى وصفت بأنها كالنخيل تموت واقفة تلفّها الأكفان النورانية ولن تجد مثل لونها ورائحتها وإن جابت العالم كله.

لا نريد أن نتساءل عن هدر الدماء والضمائر في بلادنا بل أن نُصلح، فالأسئلة لا تبدو منطقية في حروب المواجهة مع العدو، ففي هذه البلاد لا يوجد ضوء واحد مستقيم غير المقاومين.

ونحن نكتب في القلم، تبقون أنتم، كما أنتم، كما رسمتم طريق الكفاح من أجل حرية فلسطين ولبنان وسورية والعراق، وحيث ينبت الدم ورداً بمواجهة العدو، له نكهة في هذه الأرض، من لونها الأحمر، من لون الأرض وها هو حزب الشهداء يستكمل بنيانه الاستشهادي، حيث تمكّن من مواجهة العدو الصهيوني في جنوب لبنان، أو في الجهاد ضد الجماعات التكفيرية أينما وجدوا.

سنبقى في أرضنا، ولكننا لن نموت كما يريد الأعداء وهم كثر، سنبقى بوجوه باسمة تحب الحياة، نتلوّى من الألم، ولكننا نفترش السعادة السرابية أمامنا لنحيط أطفالنا بشيء من فرح المستقبل. نحن مقاومون مختلفون بألوان ملؤها الثبات والمروءة التي نبعت من جراحنا ولن تزول.

وراء الأضواء يُقال إن «الحرب المفتوحة» لها شروطها، وظروفها، وندرك أن سبيل تحرر الأمم وانتصارها على الاحتلال وسحق الباطل ووضع حد للجرائم والمجازر، والقطع مع العمالة والعملاء من أصحاب اللحى التكفيريين، هو بالبطولة المؤمنة المؤيّدة بصحة العقيدة.

يقول أمين معلوف: «لماذا كلُّ هذه الحُجُب،.. وهذه اللحى التعيسة، وهذه الدعوات إلى القتل؟ لماذا كلّ هذا القدر من مظاهر السلفيّة والعنف؟».