يشكّل ملف ​الانترنت غير الشرعي​ "فضيحة" العام، نظرا لحجم المعلومات والاسرار التي اكتشفت في فترة قياسية، وموقع الاسماء التي بدأ يطالها التحقيق، واخرهم كان مدير عام هيئة "اوجيرو" ​عبد المنعم يوسف​ ومدير المعلوماتية في هيئة اوجيرو توفيق شبارو والمدير في اوجيرو ​غابي سمير​، الذين أصبحوا قاب قوسين أو أدنى من الخضوع للتحقيق بعد أن اعطى وزير الاتصالات ​بطرس حرب​ الاذن بملاحقتهم. وفي شق اساسي من هذا الملف جرى الحديث عن "عملية ادخال معدّات الانترنت بطريقة غير شرعية الى لبنان"، بحيث تم توجيه بعض اصابع الاتهام نحو مؤسسة ​الجيش اللبناني​ ووزارة الدفاع الوطني، بحجة أن الجيش كان يتزوّد بالانترنت بطريقة غير شرعية عبر "visp" لمديرها ​هاغوب تكايان​، فهل فعلا يمتلك الجيش صلاحية مراقبة "ادخال المعدات الى لبنان"؟

أوضح مدعي عام التمييز القاضي سمير حمود، أن التحقيقات أثبتت أن المعدات المتعلقة بالانترنت غير الشرعي، أدخلت بطريقة غير شرعية عبر الحدود اللبنانية السوريّة ومرفأ بيروت، وهنا يصبح السؤال الواجب طرحه، من هو المكلف قانونيا مراقبة هذه المعدات؟

استيراد أو تهريب؟

بعكس ما حاول البعض نشره، لا يملك الجيش اللبناني صلاحية مراقبة استيراد ودخول معدّات الاتصالات والانترنت، بل تعتبر هذه المهمة من صلاحيات وزارة الاتصالات حصرا، وهذا ما تنص عليه المادة الثالثة من المرسوم رقم 3033 الصادر في 30-12-1992، بحيث "يعود لوزير البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية بموجب قرارات تصدر عنه اعطاء تراخيص لاستيراد وبيع وتركيب وصيانة الاجهزة المستعملة لتأمين بعض الخدمات في مجال المواصلات السلكية واللاسلكية"، كما و"تلغي المادة السادسة من المرسوم نفسه كافة النصوص والاحكام المخالفة له او التي لا تتفق ومضمونه"، وبالتالي فإن السلطة صاحبة الصلاحيات في عملية ترخيص استيراد وبيع وتركيب وصيانة اجهزة الاتصالات هي وزارة الاتصالات حصًرا. كذلك يتلخص دور الجيش اللبناني في مجال تراخيص استيراد الاتصالات "بالحصول على موافقة قيادته على البيانات الجمركية لمعدات الاتصالات اللاسلكية بعد الحصول على موافقة وزارة الاتصالات ولا يمكن للمستورد ادخال البضاعة بشكل قانوني دون الحصول على موافقة كل من وزارة الاتصالات ووزارة الدفاع الوطني".

أما بالنسبة للمعدات المستخدمة لتهريب الانترنت من قبرص، فتبين أن كافة المعدات التي تم ضبطها وتوثيق استخدامها لتهريب الانترنت من قبرص استوردت إلى لبنان تحت أسماء وهميّة ولم تحصل على موافقة وزارة الاتصالات ووزارة الدفاع الوطني. وفي هذا السياق تشير مصادر خاصة لـ"النشرة" الى ان السؤال عن عملية ادخال المعدات بطريقة غير شرعية يجب ان يُطرح على وزارة الاتصالات أولا ومديرية الجمارك ثانيا، واوجيرو ثالثا بعد ان تبين ان موظفا تابعا لها استغّل وظيفته واعاد معدّات مضبوطة عام 2009 في الباروك الى اصحابها.

وفي ما يتعلق بالصلاحيات في عملية استيراد البضائع بحسب القوانين المرعية الاجراء، فإن للجيش اللبناني صلاحية الكشف على بعض البضائع المشتبه بها او المقيدة من قبل قيادة الجيش لدى الدوائر الجمركية، بحيث تطبق هذه الصلاحية بحال "أبلغ الجيش بخبر أمني أو بإشارة من المديرية العامة للجمارك في الحالات التالية: الاسلحة والذخائر وطائرات القتال الواردة في المرسوم الاشتراعي رقم 137 عام 1959، الاعتدة المقيّدة لدى المديرية العامة للجمارك من قبل وزارة الدفاع والمدرجة في مذكرة الخدمة رقم 29173/ت ج/ تقني تاريخ 6 اب 2012 الصادرة عن الجيش، او بحال الاشتباه في محتوى بيان جمركي محوّل من المديرية العامة للجمارك".

متورّطون كبار؟!

تكشف المصادر أن علاقة الجيش اللبناني بشركات توزيع الانترنت هي علاقة عمل، وأن اجراءات حماية شديدة تأخذها قيادته في هذا السياق، مشيرة الى ان أهم الشركات التي تزود الجيش بالانترنت هي شركة "VISP" التي تعطي عددا من وحداته الثابتة الانترنت بموجب اتفاقية بالتراضي رقم اتفاقية رقم 3457/ت ج/اداري الموقعة مع الشركة بتاريخ 24-6-2007، اضافة لبعض شركات توزيع الانترنت في المناطق بحيث تستفيد من خدمات هذه الشركات بعض المراكز الثابتة بحسب موقعها الجغرافي، ومن ثم تأتي شركتا "ALfA" و"Touch"، بحيث تستخدم دوريات وحواجز الجيش اللبناني خدمة الانترنت ونقل البيانات بواسطة 3G 4G M2M منذ العام 2012 بموجب عدة اتفاقيات مع كل من الشركتين، شركة "MOBI" بحيث تستخدم بعض القطع خدمة الانترنت ونقل البيانات عبر هذه الشركة، واخيرا شركة "connect".

تؤكد المصادر أخيرا انه "لا يوجد ارتباط حصري بين الجيش وشركة واحدة لتوزيع الانترنت، وأن الحق الحصري للقبول أو الرفض في موضوع استيراد المعدات غير متوافر بيد قيادة الجيش ووزارة الدفاع"، مستهجنة أسباب الحملة القاسية التي تتعرض لها المؤسّسة العسكريّة في هذا التوقيت.

وتسأل المصادر عن الجهة التي لديها المصلحة بإدخال الجيش اللبناني في "معمعة" الانترنت، معتبرة ان من يسعى لذلك يحاول جاهدا حرف الانظار عن الجهات المتورطة بالملف، والضغط على قيادة الجيش في الملفات الامنية والايحاء بأنه مخترق وبتواطؤ ضباط فيه.

أعطى حرب الإذن لملاحقة مدراء أوجيرو وسيتم التحقيق معهم من قبل القاضي المالي علي ابراهيم، ولكن الأهم هو متابعة خيوط التحقيق حتى النهاية، خصوصا بعد ان كشفت المعلومات ان تقرير استخبارات الجيش اللبناني الاخير للجنة الاتصالات النيابية تضمّن أسماء كبيرة، فهل تبدأ التحقيقات مع هؤلاء؟ وهل تُسأل وتُساءَلُ وزارة الاتصالات والى جانبها مديرية الجمارك عن تهريب المعدات الى لبنان؟