يؤشّر التقييم الأولي لنتائج ​الانتخابات البلدية​ والاختيارية في جبل لبنان الى جملة معطيات لا بدّ من قراءتها بموضوعية من قبل جميع الأطراف واستخلاص العبر.

وتعدد مصادر سياسية مجموعة من المعطيات هذه وفق الآتي:

اولا: ان لا احد يستطيع الادّعاء بحصريّة الفوز، لا الأحزاب بالمطلق ولا العائلات بالمطلق، أي أن لا خسارة شاملة ولا ربحا ساحقا. فثمة بلدات ربحها تحالف الأحزاب، واُخرى كان الفوز فيها للعائلات.

ثانيا: في التحالفات الحزبية، اتضح ان الاتفاق بين الأحزاب لم يكن معمّما ولا الأحزاب كانت متضامنةً، اذ برزت تباينات وانقسامات بين بلدات وقرى كان فيها التيار الوطني الحر متحالفا مع ​القوات اللبنانية​، فيما افترق هذا الحلف في بلدات اخرى. أمّا حزب الكتائب فاستطاع اثبات حضوره عبر تنوّع تحالفاته في القرى والبلدات فكان مع "التيار" في قرية ما وضدّه في بلدات أخرى، وكذلك بالنسبة الى القوات. والأمر نفسه ينطبق على الأحزاب الدرزية حيث تحالف الاشتراكي مع الديمقراطي في قرى وتباعدا في اخرى.

ثالثا: في واقع "تفاهم معراب" ثمة هزّة أصيب بها بعد انهيار التوافق في عدد من المناطق ولاسيما في المتن الشمالي وفي مدينتي جونية وجبيل. واذا كانت هذه التداعيات محصورة بالقرى والبلدات وانصار الفريقين، الا أن رئيس حزب القوات اللبنانية ​سمير جعجع​ استبق اي تداعيات سياسية حين أعلن قبل صدور النتائج انها لن تؤثر في التحالف مع رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون ودعمه له في معركة الرئاسة.

رابعا: في ما خَص وضع عون، أظهر مسار الانتخابات انه لا يزال قوة أساسيّة في عدد من المدن الكبيرة على غرار جونية والحدث حيث شهدتا أمّ المعارك، في حين لم تكن كل القراءات دقيقة في التحالفات المتنية والكسروانية، مما يفرض إعادة تقييم لدى الجنرال للأداءين السياسي والحزبي.

ولعل اهم ما يفترض ان يجريه عون فهو "اعادة ضبط الآلة الحزبية" في التيار الوطني الحر التي بدت مشتّتة بين حزبيين ملتزمين قرار قيادة الحزب وبين "عونييين" اقترعوا خلافا لقرارها، علما ان هذا الامر تكرّر في اكثر من حزب لان الاعتبارات المناطقية والقرويّة كانت طاغية.

كما أن الجنرال مدعو الى تقييم تحالفاته الحزبية والعائلية لان ارقام بلدية جونية تفرض قراءة متأنّية لا سيما لجهة الخرق الذي حصل في اللائحة التي يدعمها، على رغم حضوره شخصيا الى جونية لتشجيع لائحة ​جوان حبيش​. وبدا ايضا واضحا ان عون تفادى التركيز على موقف القوات اللبنانية المناهض للائحة حبيش، بالتصويب على المال الانتخابي والمال الاغترابي والنائبين السابقين ​منصور البون​ و​فريد هيكل الخازن​ و​نعمت افرام​.

خامسا: استطاع رئيس اللقاء الديمقراطي النائب ​وليد جنبلاط​ ان ينأى بنفسه عن المعركة البلديّة، فتجنّب خسارة مباشرة في بلديات معينة، فيما استطاع الاستفادة من فوز أخرى "مثل الدامور وغيرها" لأنّه كان بعيدا عن الواجهة وترك للعائلات المتحالفة معه او القريبة منه تقليديا ان تخوض معركتها من دون "جميلته".

سادسا: برز ان للثنائية الدرزية موقعها فلم تحصل مواجهات مباشرة بين الاشتراكيين والارسلانيين بل كان الطابع العائلي هو الطاغي.

سابعا: في الساحة السنية بدا واضحا ان تيار المستقبل في جبل لبنان لم يعد وحيدا على الساحة "في اقليم الخروب خصوصاً وصار له شركاء لم يعد في استطاعته ان يغيّبهم او يهمّشهم ولاسيما الجماعة الاسلامية التي يتعاطى معها المستقبل "بمودة" خلافا للمرّات السابقة لانه يأمل بالحصول على دعمها في صيدا والشمال في المرحلتين المقبلتين من الانتخابات.

وخلصت المصادر الى انه في ضوء انتهاء الانتخابات البلدية في 29 ايار الجاري، فإنّ الصراع بين القوى السياسية وخصوصًا بين المستقبل والقوى المسيحية، سيتركز على أولويّة المرحلة المقبلة، انتخابات رئاسيّة قبل النيابية او العكس بالعكس، سواء تم التوافق على قانون انتخابات جديد، او بقي القانون الحالي.