بين الحقائق الانتخابية في المتن الشمالي وتبني الفوز والانتصارات، مشهدان متناقضان. فالماكينة الانتخابية للنائب ميشال المر تحدّثت عن اكتساح بلدي واختياري، فما حقيقة ما حصل؟ وماذا تقول اوساط التيار الوطني الحر في المقابل؟ وعلى من تعتب؟

في قضاء المتن الشمالي، توجّه 177000 ناخب اختياري و 168000 ناخب بلدي الى صناديق الاقتراع لاختيار 41 مجلسا بلديا بعد فوز 13 مجلسا بلديا بالتزكية ، وقد وصل المجموع العام للمرشحين على المقاعد البلدية الى 1196 وعدد المرشحين لمركز مختار 301 ، في قضاء تكثر فيه الاحزاب والتوجهات، ويحضر البعد العائلي.

مساء الاحد 15 ايار 2016، اقفلت صناديق الاقتراع، لتنطلق المفرقعات والاحتفالات في العمارة، المبنى الذي يقع فيه مكتب المر. ومع استكمال الفرز، بدا ان ما خبأته الصناديق، اختلف في احيان كثيرة عن المنتظر والمتوقع، والمتفق عليه.

يقول العارفون إن "ابو الياس" يتصرّف على اساس ان طريق المتن تمر بالعمارة، وأن الشمس في هذا القضاء لا تشرق الا بعد استئذانه، ولا تغيب الا بعد ان يسمح لها بذلك. هذه الأيام، يتحضّر المر الاب لنقل الارث السياسي الى نجله الياس، وهو السبب ربما، في تسرّعه في تسويق نظرية انه الرابح الاوحد في الاستحقاق البلدي والاختياري في قضاء المتن الشمالي.

فمع صدور النتائج الرسمية للانتخابات، وحتى قبلها، رفع المر شعار "الفوز الساحق" من خلال وسائل الاعلام القريبة منه، متبنّياً الفوز في البلديات التي له، والتي لخصومه، قبل ان يخرج من يتحدّث عن انه "شبشب بلدياً". لكن الوقائع تبدو مختلفة. ففي حين تتحدّث اوساط "العمارة" عن الفوز بأكثر من اربعين بلدية، تتوقّف مصادر التيار الوطني الحر عند "الانتصارات الاعلامية" التي لا تلتقي مع النتائج الرسمية الصادرة عن وزارة الداخلية.

فحسب المعطيات، فاز التيار مع القوات اللبنانية والحلفاء بثلاثين مجلساً بلدياً وعشرات المخاتير، ساحلاً ووسطاً وجرداً. وفي هذا السياق ، لا ينكر احد الحيثية التي لدى المر، لكن المعنيين يرفضون في المقابل ان يعتمد المر التعمية على الوقائع.

فعلى القلم والورقة، لم يخسر التيار اي بلدية كانت معه في السابق، لا بل على العكس، فاز ببلديات لم تكن معه في العام 2010، اذ فاز ببلدية بيت مري وبسكنتا وضهر الصوان والفنار على سبيل المثال. اما بالنسبة الى البلديات التي على ساحل المتن، فتؤكد المعطيات الآتي:

1- في جل الديب، نجح التيار في خرق اللائحة المدعومة من المر والطاشناق والكتائب وعائلة ادوار ابو جودة بامكاناتها، بالاضافة الى التشتت في اصوات التيار بفعل مواقف النائب نبيل نقولا ضد اللائحة المنافسة للمر. وعلى الرغم من كل ذلك، نجح التيار مع حلفائه في خرق لائحة المر بثلاثة اعضاء، ولم يتجاوز الفارق بين الرابحين والخاسرين الاربعين صوتاً. ولو صوت الطاشناق مع التيار، والتزم نقولا بالقرار الرسمي للتيار، لكانت النتيجة مختلفة. اما اختيارياً، فقد فاز منسق هيئة جل الديب في التيار طارق الحجل بأحد المقاعد الاختيارية مسجلاً رقماً متقدماً.

2-في سن الفيل، لم يصوت المقربون من حركة امل والارمن للائحة جوزف شاوول، فيما أن حصول العكس، كان سيفتح الباب على خروقات كبيرة. وقد حقق التيار فوزين بالمقاعد الاختيارية.

3-في انطلياس، لا يبدو المشهد مختلفاً. هنا ايضاً خسرت اللائحة المدعومة من التيار والقوات مع تصويت الطاشناق للائحة المنافسة.

بناء على ما سبق، تؤكد معلومات "البلد" ان بين التيار والطاشناق سيكون في الايام المقبلة ما يشبه عتاب الاصدقاء، لان صناديق الاقتراع لم تترجم الاتفاقات التي سبقت العملية الانتخابية.

الى ذلك، تتوقّف اوساط التيار عند تبني المر للبلديات الفائزة بالتزكية، لتسأل كيف يكون ذلك والتزكية الحاصلة قائمة على توافقات سياسية، تشارك فيها الاحزاب والعائلات؟ وتشرح انه وعلى سبيل المثال، فالتيار فاز بنيابة الرئاسة في الجديدة والدكوانة والمنصورية بالاضافة الى اكثر من عضو.

في المقابل، تسجّل اوساط التيار مسارعة حزب الكتائب الى تبني الفوز في عدد من البلدات، على الرغم من ان النائب سامي الجميل خرج شخصياً، في الايام الفاصلة عن الاستحقاق البلدي والاختياري ، ليعلن ان الكتائب لا تتدخل في الاستحقاق، لانها مسألة انمائية تعني اهالي القرى والبلدات. من هنا، تسأل الاوساط "شو عدا ما بدا؟ ولماذا قول الشيء ونقيضه؟".

ماذا بعد؟ وهل صحيح أن مشهد اليوم سينعكس على الاستحقاق النيابي بعد سنة؟ يقول العارفون ان اوجه الشبه مختلفة ما بين الانتخابات البلدية والانتخابات النيابية. فلكل واحدة اصطفافاتها وتحالفاتها وخصوصياتها. ففيما البعد العائلي يحضر بقوة في الشق البلدي، فالبعد السياسي والمناخات الحزبية تحضر في شكل رئيس عندما يتوجّه الناخبون لاختيار نوابهم.

بناء على ما سبق، وبعدما يعود كل طرف للتدقيق بما تحقق، سيبنى على الشيء مقتضاه، لاسيما أن اشهراً قليلة تفصل عن الاستحقاق النيابي، الذي ترتفع اسهم حصوله في موعده من دون تمديد.