يحتار المرء بكيفية التعامل مع تصريحات وزير خارجية آل سعود عادل الجبير أمس، وهو يفكر من جديد باعتماد «بدائل» للتعامل مع الرئيس الأسد، إذا لم يمتثل الأخير للجهود المبذولة لوقف إطلاق النار في سورية.

حسناً، في البداية يوحي هذا التصريح بأن هناك تراجعاً ملحوظاً للملعون الجبير وعنترياته بعد بيان فيينا أمس، رغم أنّ الاحتمالات السيئة مطروحة بقوة من قبل الإرهابيين لخلط الأوراق التي لا تروق للرياض وأنقرة.

نشأ الجبير وترعرع في حضن السفير السعودي السابق في اميركا، بندر بن سلطان… فهو لذلك نكرة، ولا يحتاج إلى تعريف. فالتعريف الوحيد هو انه أبن النظام السعودي الذي استخدم وبذكاء سلاح المال، على مدى عقود طويلة، لتجميل صورته، ونشر وهابيته، ولإسكات منتقديه وإرعابهم، وللضغط على خصومه وإثارة المشاكل لهم، وشن حروب عليهم بالوكالة، فجنّد لذلك جيوشاً جرارة من الإعلاميين والسياسيين، وأسس قنوات تلفزيونية وفضائيات وصحفاً ومجلات، وتنظيمات وجمعيات دينية، حتى وصل الأمر إلى أن يفكر أي إعلامي أو سياسي أو مثقف، ألف مرة، قبل أن يوجه أدنى انتقاد للنظام للسعودي وسياسته ووهابيته.

اللافت أن الإرهاب الذي أشاعه النظام السعودية في العالم العربي، بقوة المال، أخفى كثيراً الوجه القبيح لهذا النظام بشقيه السياسي والديني. فالمال خلق هالة حول هذا النظام، شغل الكثيرين عن النظر إلى القبح المخيف في هذا النظام الذي يعود إلى أكثر العصور جاهلية وتخلفاً.

من سوء حظ النظام السعودي، أن ثورة المعلومات، لم تأت في صالحه، رغم انه حاول استخدامها من اجل الإبقاء على قبحه في الظل، ولكن هذا لم يحدث، فهذه الثورة عرت النظام السعودي من كل اللبوس الذي حاول التستر به عن الآخرين، فظهر على حقيقته، نظاماً شاذاً قبلياً ونظاماً دينياً تكفيرياً، وزاد هذا القبح بروزاً ما عرف بثورات «الربيع العربي»، التي قلبت اوضاع المنطقة رأساً على عقب، بعد أن اضطر النظام السعودي أن يتجرّد من كل شيء وينزل بطبيعته الحقيقية في الميدان من اجل الدفاع عن كيانه الذي أخذت تتهدّده المتغيّرات المتسارعة.

نزول النظام السعودي في الميدان تجسّد في إغراقه «سوراقيا» بالمجموعات التكفيرية، ونشر الموت والخراب، وشرائه الذمم، حتى أنه أدخلنا في زواريب الحوار مع ما تسمى بـ «معارضي الرياض» الذين لا يَخافون الله في متاهات الخيانة بعدما منحوا الشرف القومي إجازة مفتوحة، وقد فقدوا صلاحيتهم الوطنية، حتى أنهم لم يعودوا يتمتعون بجهاز مناعي، يقيهم شرور، الصهينة والسعودة والعثمنة، إلا مقصلة روبسبير! ولذلك كان على الحكومة السورية أن تجتنب حوارهم، لأن الحوار معهم رجسٌ من عمل الشيطان.

نقول بعد كل ذلك، ما جدوى مفاوضات فيينا، في ضوء ما يجري في الميدان؟ سؤال لطالما راود المهتمين بما يجري في الساحة السورية وتفرعاتها العدوانية، الإقليمية والدولية.

ناعوم تشومسكي الذي قال «لقد غادرت الأمل»، لفت إلى أن الذي يحصل في سورية أكثر كارثية من الكارثة الذرية للمدينة اليابانية، هيروشيما!