في كل عام تتوسّع بقعة الضوء المقاومة.. تكبر وتكبر، تنمو.. وتصير أغماراً من الفعل المناضل والإرادة الحرة لوقفات عز تتلاحق وتتعاظم.

وفي كل عام تجدّد المقاومة لغتها ونبض كلماتها وسحر حروفها، لكي تليق، بوطن الحرية والحق، نورثها كتاب عزّ لأجيالنا، الحاضرة وتلك التي لم تولد بعد لتبني مستقبلها، غير هيّابة من عدو أذلّتْه وهو يصرخ «إننا راحلون إننا راحلون».

… نعم بين 15 أيار 1948 و25 أيار 2000 تاريخ تغيّر.. وبين «هيهات منّا الذلة» قبل أكثر من 1400 سنة، في كربلاء على لسان الإمام الحسين بن علي، والمدرسة التي أسسها أنطون سعاده، من «إن الحياة وقفة عز فقط»، وحدة كفاح ونضال وشهادة معمّدة بالدم.

بين التاريخين والمدرستين، سقطت من قاموس حياتنا، تراجيديا النكبة، والنكسة، والشك في قدراتنا، في أصالتنا، وفي مخزون القوة التي تغيرّ وجه التاريخ.

بين أيار القديم وأيار الجديد تتمثل شخصيتنا، وتختصر قضية أمتنا.. ومن خلال التاريخين ننظر إلى حياتنا بفرح.

منذ إنشاء فرقة الزوبعة الحمراء دفاعاً عن فلسطين، واستمرارها في نسور الزوبعة دفاعاً عن لبنان، ها هم النسور أنفسهم يدافعون عن وحدة سورية وكرامتها، مدركين أن «أزمنة مليئة بالصعاب تأتي على الأمم الحية، فلا يكون لها إنقاذ منها إلا بالبطولة المؤمنة المؤيدة بصحة العقيدة».

لعل ما تعانيه سورية اليوم من مؤامرة تستهدف دورها الداعم للمقاومة يكشف حجم الخطر الذي باتت تشكله هذه المقاومة على أجندات قوى الغرب الاستعماري وربيبتها «إسرائيل» ومشيخاتهم في الخليج، التي أضحى بقاء كياناتها مهدداً تحت تعاظم قوة واستعداد المقاومة الدائم لاسترجاع ما تبقى من أرض محتلة والدفاع عن حقوق شعبنا.

في أفران عالية الحرارة.. يسخن الحديد ليستخرج منه الحديد الزهر.. نقياً صلباً مثلما نيران النضال يصهر الرجال من مقاومتنا العظيمة في أتونها ليخرجوا أكثر نقاءً، وأشد صلابة.

فالسلام على مقاومتنا الغالية التي علمتنا منذ أطلق، الزعيم أنطون سعاده شرارتها في فلسطين المحتلة، وكان القوميون أولى القوى التي حملت السلاح لمواجهة جحافل اليهود التي جاءت وهي تحمل خرافاتها، ولعلنا نتذكر هنا كيف تباهى الضابط البريطاني وهو يسحب زر الزوبعة من على ياقة جاكيت الشهيد سعيد العاص ويقول «لقد قتلنا قومياً».. السلام عليها ونحن نخوض لهيب الحياة المستعر لنكون أكثر صلابة في مواجهة الأزمات.

ففي هذه الذكرى المباركة ندعو كل أبناء أمتنا إلى الجهاد، لأن النيات ما قامت يوماً مقام الأفعال.. ولن تقوم.

لنكن أكثر وضوحاً ونقول إننا، في محيطنا القومي، وضعنا لقرون داخل ثقافة اللامعنى حتى نبتت المقاومة كسنبلة القمح، لأن قوة أمتنا في إيمانها وفي قوتها، وليس في ضعفها، والضجيج التوراتي في رؤوس ساسة الخليج وتركيا لن يكون أكثر من ضجيج!

للألماني غانتر غراس «لا تستغربوا أن يكون الله قد صنع بعض السياسيين هكذا، ربما ليلهو بتلك المخلوقات العجيبة»!