تحدثنا مطولا عن مخاطر انشاء "مطمر" للنفايات على شاطىء البحر الابيض المتوسط، فالسلبيات الناجمة عن هذا الفعل لا تعد ولا تحصى، والايجابيات تكاد لا تتعدى تجميع ​النفايات​ من الشارع. انشأت الحكومة اللبنانية مطمر "الكوستابرافا" على شاطىء البحر رغم كل التحذيرات والاصوات التي رفعت بوجه قرار من شأنه ان يلوث بحرنا، ويشوه شاطئنا، ويعرضنا لعقوبات دولية لمخالفة اتفاقية برشلونة. ولكن بعيدا عن التلوث البيئي والبصري، هل تعلم الحكومة اذا كان هذا المطمر يشكل خطرا على حركة الملاحة في مطار بيروت الدولي؟

ينبعث من النفايات عدّة انواع من الغازات، ويختلف خطر كل نوع حسب تأثيره على البيئة الميحطة به، فتؤثر مثلا الروائح على السكان الذين يقطنون في محيط مطمر "الكوستابرافا" وهم بأعداد كبيرة نظرا لقربه من منطقة الاوزاعي والضاحية الجنوبية لبيروت والشويفات. وينتج عنه وتفكك المواد العضوية فيه كذلك غاز خطر هو غاز الميثان ويرمز اليه بـ"CH4"، وهذا الغاز يشكل النسبة الأكبر من مجموع الغازات المتكونة من تفكك المواد العضوية في المطمر، وهو قابل للاشتعال وللتنقل تحت سطح الأرض وفي شقوقها ومعروف عنه بأن لا لون ولا رائحة له.

يقع المدرج الجنوبي لمطار بيروت الدولي على مسافة أمتار من ​مطمر الكوستابرافا​، وبالتالي تشير مصادر خاصة لـ"النشرة" الى ان غاز الميثان قد ينتقل بسهولة تحت مدرج المطار ويتجمع في نقاط عديدة داخل حرم المطار وخارجه، ما يجعله قابلا للتسرب الخارجي في أي لحظة ما يعني امكانية اشتعاله لدى احتكاكه بأي شرارة. وتضيف المصادر: "ينشىء القيمون على أي مطمر شبكة انابيب يتجمع الغاز فيها وينتقل الى نهاية الانبوب حيث من المفترض ان تتم عملية حرقه، فيتحول عندها غاز الميثان الى ثاني اوكسيد الكربون، عبر تقنية الـ"Flaring" وهذا يعني انه سيكون قرب المطمر عواميد تحمل ألسنة اللهب".

وتشدد المصادر على ان وجود غازات قابلة للاشتعال في محيط مطار بيروت الدولي ووجود عمليات حرق لغازات النفايات قرب مدرج المطار قد يؤديان الى حالة ذعر لدى شركات الطيران العالمية التي تبني علاقاتها مع مطارات العالم حسب معايير معينة، متوقعة وجود امكانيّة كبيرة لرفض عدة شركات استعمال مطار بيروت الدولي فور معرفتها بهذا الواقع، او بأحسن الاحوال قد ترفض شركات عديدة استخدام المدرج الجنوبي للمطار الموجود قرب مطمر "الكوستابرافا".

وفي هذا الاطار تتساءل المصادر عبر "النشرة" عن مدى اهتمام الحكومة اللبنانية بالمخاطر الناتجة عن المطمر المذكور. وتسأل: "هل قام مجلس الانماء والاعمار بتقرير تقييم الأثر البيئي لهذا المشروع بحسب القوانين النافذة، وهل وافقت وزارة البيئة على هذا التقرير حسب الاصول؟"، مشيرة الى ان أي تقرير لم يحصل وأي موافقة لم تأت.

يعرف المطمر الصحي باللغة الانكليزية بـ"Landfill"، وكلمة "land"، تعني الارض، و"fill"، تعني ردم، وبالتالي لا يوجد في تعريف المطامر ما يشير الى "البحر"، الا أن الحكومة اللبنانية تبدع باكتشافات عالميّة، فقرّرت احداث "Sanitary landfill" أي "مطمر صحي على اليابسة"، ولكن في البحر... وتعريض الملاحة الجوية في مطار بيروت للخطر!