على الرغم من الجهود التي تبذلها ​الأجهزة الأمنية​، على صعيد مكافحة تجارة وترويج المخدرات، لا تزال هذه القضية تثير حولها الكثير من علامات الإستفهام، لناحية الحمايات والتدخلات التي تحمي هؤلاء، في حين يتم التشدد في ملاحقة المدمن، الذي بات يصنف في مختلف دول العالم كـ"مريض".

في الاسبوع المنصرم، نجحت قوى الأمن الداخلي في إنهاء أسطورة "الأبونا" في الحازمية، لكن المفاجأة هي القلق الذي لا يزال يسيطر على أبناء حي مار روكز في المحلّة، خوفاً من إنتقامه بعد خروجه من السجن أو لفلفة القضية بطريقة ما، خصوصاً بعد أن سُرِّبت معلومات عن تدخلات بدأت على هذا الصعيد.

في التفاصيل، يعتبر "د. ش" (لبناني من مواليد العام 1975)، المعروف بـ"الأبونا"، من أبرز مروجي المخدرات في نطاق محافظة جبل لبنان، بحقه ما يقارب 8 مذكرات عدلية بجرائم مختلفة: سرقة سيارات، مخدرات، حيازة مواد ممنوعة، إدخال هاتف إلى سجن. وهو يعمل برفقة عشيقته "ك. ح" (لبنانية من مواليد العام 1989)، المعروفة باسم "كوكو"، وتوصف طريقة عملهما بـ"الوطواط"، نظراً إلى أنها تقتصر على ساعات الليل المظلمة.

بحسب المعلومات التي حصلت عليها "النشرة"، فقد فشلت في السابق كل محاولات توقيف "الأبونا"، بالرغم من أن مكان سكنه معروف، وهو كان يثير الذعر في صفوف جيرانه من سكان الحي نفسه، حيث كان يقطن داخل شقّة في الطابق الرابع من مبنى يقع خلف سنتر بنك الإعتماد اللبناني في الحازمية، ويتخذ إجراءات أمنيّة خاصة، تبدأ من أن الدخول إلى شقته يكون عبر مصعد خاص يصل إليها مباشرة، ولا تنتهي عند عدم وجود إلا نافذة واحدة لها، عبرها خطط إلى الفرار في حال مداهمته، من خلال "حبلة" يصل عبرها إلى الخارج، حيث يستطيع الإختباء تمهيداً إلى المغادرة لاحقاً.

لكن كيف نجحت العملية، التي وصفتها قوى الأمن الداخلي في بيانها الرسمي بـ"البوليسية"؟

يوم الخميس الماضي، إستفاق سكان شارع مار روكز على إطلاق نار كثيف، بعد أن قامت قوة من مفرزة إستقصاء جبل لبنان في وحدة الدرك الإقليمي بأمرة النقيب جاد الحاج بتطويق المبنى الذي يقطنه "الأبونا"، حيث عملت على تعطيل المصعد الداخلي ومن ثم الدخول إلى شقته في الطابق الرابع بعد إحداث فتحة في الجدار بواسطة مطرقة.

خلال المداهمة تم ضبط أعتدة وممنوعات وأجهزة لاسلكية، في حين تمكن "الأبونا" و"كوكو" من الفرار عبر "الحبلة" إلى شقة تقع في الطابق الثاني من المبنى نفسه، حيث كان أصحابها في الخارج، ظناً منهم أن القوة الأمنية سوف تغادر المكان بعد وقت قليل، لكن الأخيرة أقدمت على تفتيش باقي الطوابق بدءاً من الثالث.

في الطبقة الثانية، اكتشفت صاحبة المنزل بعد حضورها أن الباب مغلق من الداخل، فقامت القوة الأمنية بخلعه وإقتحام الشقة بحثاً عن المطلوبين، لكن عندها بدأ إطلاق النار من جانبهما، الأمر الذي تم الرد عليه مباشرة، ما أدى إلى إصابة "الأبونا" في رجله اليسرى، و"كوكو" في يدها اليسرى، لكن لم تنته العملية عند هذا الحدّ، حيث عمد "الأبونا" إلى الفرار عبر "الحبلة" نفسها، وتوارى بعدها في دهاليز مرآب يقع في الأسفل، في حين تم توقيف "كوكو" بعد قفزها مباشرة.

بعد حوالي الساعة والنصف من عمليات البحث، تم توقيف "الأبونا" في أحد الطوابق السفلية، حيث كان يختبىء بطريقة محترفة، لكن القلق من أفعاله لم ينته بعد، بسبب الخوف من عودته مجدداً، الأمر الذي يتأكد من خلال ما رواه سكان المنطقة، لـ"النشرة"، عن فرار المختار الذي كان برفقة القوّة الأمنية، بعد أن علم أن المداهمة هي لشقة "د.ش"، حيث شاهده المواطنون يهرول من المكان مسرعاً.

ولدى السؤال عن سر اللقب الذي يتمتع به "د. ش."، أي "الأبونا"، تبين أن أحد أشقائه من رجال الدين فعلاً.

في المحصّلة، هذه هي تفاصيل العملية "البوليسية" التي قادت إلى إنهاء "أسطورة" مروّج المخدرات الكبير، في الاسبوع الماضي، لكن ماذا بعد توقيفه، هل تأتي الأحكام مشدّدة على من يساهم في تدمير المجتمع؟