ببيان عبر الاعلام، اعلن النائب ​روبير فاضل​ استقالته من المجلس النيابي، وهو الذي انتخب عن المقعد الأرثوذكسي في طرابلس في العام 2009، ليخلف والده موريس، الذي انتخب عن هذا المقعد للمرة الأولى في العام 1972. فما هي الخطوة الأولى بعد الاستقالة؟ وهل ستتحضّر وزارة الداخلية لاجراء انتخابات فرعية؟

في الساعات الماضية، باتت الانتخابات البلدية في عاصمة الشمال طرابلس واقعاً رسمياً، مع صدور النتائج النهائية. قبل الجميع بما افرزته صناديق الاقتراع من تكريس للحالة السياسية للواء اشرف ريفي في المدينة، ولضرورة إعادة تقييم اركان اللائحة التوافقية للارقام والأسباب، قبل اشهر من الموعد المفترض للاستحقاق النيابي.

لكن تكريس "حالة ريفي" بشدّ العصب السنّي، لم تمر من دون آثار جانبية، اقصي بموجبها المسيحيون والعلويون عن التمثيل في المجلس البلدي. اعترض العلويون بقطع طريق جبل محسن، وعبّر النائب روبير فاضل عن عدم رضاه، بإعلان استقالته من المجلس النيابي. كما ان المسؤول السياسي للجماعة الإسلامية في طرابلس والشمال إيهاب نافع استقال "لان النتائج أظهرت ان خيارنا لم يكن سليماً، والجماعة لم تلب تطلعات الشارع الطرابلسي". وسرت معطيات في الساعات الماضية ايضاً، عن اتجاه تيار المستقبل الى اجراء تعديلات على قيادته الطرابلسية.

واذا كان بعض الاستقالات يأخذ الطابع السياسي والحزبي، فإن استقالة فاضل اتت لتطرح السؤال الآتي: هل تفرض انتخابات فرعية عن المقعد الأرثوذكسي في طرابلس؟

ماذا يقول الدستور؟

حتى اللحظة، لا تزال استقالة فاضل غير نافذة. وهي لا تعتبر كذلك، الاّ من تاريخ تلاوتها من قبل رئيس المجلس النيابي امام الهيئة العامة في اول جلسة عامة. حتى ذلك الحين، يمكن للنائب المستقيل ان يعود عن هذه الاستقالة. ويذكر في هذا السياق استقالة النائب نجاح واكيم في العام 1996، والتي قدمها خلال الجلسة العامة الى رئيس المجلس الذي لم يقم بتلاوتها امام الهيئة العامة. وقبل انعقاد الجلسة التالية، تراجع واكيم عن الاستقالة وطويت الصفحة.

من هنا، ينطبق الامر على حالة فاضل الذي يستطيع ان يتراجع عن بيان استقالته الى حين انعقاد الهيئة العامة. مع الإشارة الى أن العقد العادي للمجلس النيابي انتهى امس، وبالتالي فلا جلسات قبل عقد تشرين المقبل، الاّ اذا افضت التوافقات السياسية الى فتح عقد استثنائي قبل ذلك الحين، لتمرير اقتراحات ومشاريع القوانين، ومنها قانون الانتخاب.

وبحسب النظام الداخلي للمجلس النيابي، الفصل الخامس، المواد 16 و17 و18، " للنائب أن يستقيل من النيابة بكتاب خطي صريح يقدم إلى رئيس المجلس، فإن وردت الإستقالة مقيدة بشرط تعتبر لاغية"، و"على الرئيس أن يعلم المجلس بالاستقالة بأن يتلو كتاب الإستقالة في أول جلسة علنية تلي تقديمها وتعتبر الإستقالة نهائية فور أخذ المجلس علماً بها"، و"للنائب المستقيل أن يرجع عن استقالته بكتاب خطي يقدم إلى رئيس المجلس قبل أخذ المجلس علماً بها وتعتبر الإستقالة كأنها لم تكن".

وماذا اذا اتبعت الأصول في تقديم الاستقالة؟ بحسب المادة 41 من الدستور، المعدلة بالقانون الدستوري الصادر في 17/10/1927 وبالقرار129 تاريخ 18/3/1943 وبالقانون الدستوري الصادر في 21/1/1947، "فإذا خلا مقعد في المجلس يجب الشروع في انتخاب الخلف في خلال شهرين. ولا تتجاوز نيابة العضو الجديد اجل نيابة العضو القديم الذي يحل محله. أما إذا خلا المقعد في المجلس قبل انتهاء عهد نيابته بأقل من ستة اشهر فلا يعمد إلى انتخاب خلف".

كما ان المادة 45 من قانون الانتخاب النافذ حالياً، القانون 25/2008، تشير الى انه "واذا شغر المقعد بالاستقالة، تجرى الانتخابات لملء المقعد الشاغر خلال شهرين،... وتجرى الانتخابات على مستوى الدائرة الانتخابية العائد لها هذا المقعد، ويشترك فيها الناخبون المقيمون فقط، وتحدد مراكز الاقتراع ضمن هذه الدائرة من قبل الوزارة".

استناداً الى كل ما سبق، وبما أن الولاية الممددة للمجلس النيابي تنتهي في عشرين حزيران 2017، فحتى وإن لم تنعقد الهيئة العامة قبل عقد تشرين، فالمهل لا تزال تستدعي اجراء انتخابات فرعية.

هل يستمر بالاستقالة؟

ولكن، هل يستمر فاضل باستقالته؟ حتى الآن يؤكد فاضل إصراره على الاستقالة. حتى ان الاتصال الذي اجراه معه رئيس المجلس النيابي لم يبدّل في رأيه، الذي يبدو انه سيكون محط لقاءات وبحث داخل التحالف السياسي الذي ينتمي اليه فاضل في الأيام المقبلة.

واذا كان البعض اعتبر ان خطوة فاضل أتت "لحفظ ماء الوجه، ولكي يكون متصالحاً مع نفسه ومع من يمثّل"، الاّ ان رئيس المجلس نصح فاضل "بعدم الاقدام على ردود فعل متسرعة، لان المرحلة لا تحتمل أي سلوك قد يساهم في تأجيج الجمر الطائفي او في رفع منسوب التعصب". وبحسب المعطيات، فحتى وإن اتبع فاضل الأصول في تقديم الاستقالة، فإن رئيس المجلس لن يقبلها.

في الثاني والعشرين من أيار، انتخب امل أبو زيد نائباً عن جزين، خلفاً للنائب الراحل ميشال حلو. كسب ميشال عون صوتاً اضافياً الى جانبه في السباق الرئاسي، فهل يقبل المستقبل مع حلفائه بخسارة صوت في الصندوق الرئاسي؟ كل الفرضيات تعزز الخاتمة التالية: بعد أيام ستبرد أجواء طرابلس، وتطوى استقالة فاضل.