ضربة لافتة في توقيتها سدّدها تنظيم "داعش" في ذروة التحضر الأميركي لتحرير الرقة، عبر اجتياح بلدات عدة في ريف حلب الشمالي، مكّنته من الوصول إلى مشارف مدينة أعزاز الحدودية. اللافت يكمن في عدم تدخل مقاتلات تحالف واشنطن خلال الزحف "السلس" لمقاتلي التنظيم، ما حدا بخبراء عسكريين إلى إدراجه في سياق الهدف الأميركي بتحشيد هؤلاء المقاتلين في هذا الريف التفافاً على المعركة المُرتقَبة الذي سيقودها الجيش السوري وحلفاؤه في حلب. وعلى وقع معلومات تلقّفتها أجهزة الاستخبارات الروسية، وأكدتها لاحقا صحيفة "ديفينس نيوز"، أماطت اللثام عن دخول فرقة عسكرية أميركية خاصة إلى الأراضي السورية في مطلع الشهر الجاري، قوامها 170 عنصراً، متخصصة بتنفيذ عمليات تفجير واغتيالات، كشف المحلل في صحيفة "اندبندنت" البريطانية لوي سيندرو ويسكز، عن رسالة إيرانية "حادة" عبرت إلى موسكو في العاشرمن الجاري، مفادها أن الجيش السوري وحلفاءه سيصلون إلى الرقة قبل الوحدات الكردية الانفصالية المدعومة من واشنطن، بمؤازرة عسكرية إيرانية مكثّفة، متضمنة تعهّد طهران بالتفرّد بتحرير حلب إذا أكملت موسكو تجنّب مؤازرة دمشق "بشكل جاد" في هذه المعركة بهدف عدم "استفزاز" واشنطن، ومؤكدة - استناداً إلى تقارير موثَّقة - وقوف عناصر أميركية استخبارية وراء الضربات العنيفة التي خرقت "عمق النفوذ الروسي" في الساحل السوري.

وفي وقت طفت مؤخراً مؤشرات على تبايُن في رؤيتي موسكو وطهران إزاء معركة تحرير حلب تحديداً، سيما أن القيادة الإيرانية لمّحت خلف الكواليس لـ"تنصُّل" روسي من اتفاق مسبق بين الرئيس فلاديمير بوتين وقائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني خلال زيارته الأخيرة لموسكو، حُدد بموجبه توقيت انطلاق العمليات العسكرية في المدينة الاستراتيجية الشمالية، بعدما أنجز سليماني كامل تفاصيل الخطة مع وزير الدفاع الروسي وكبار ضباط قيادته، كشف المحلل في صحيفة "اندبندنت" البريطانية لوي سيندرو ويسكز، عن وصول آلاف الأطنان من الأسلحة إلى "جيش الفتح" الذي تقوده "جبهة النصرة"، منذ إقرار الهدنة الأميركية - الروسية في سورية، بينها صواريخ نوعية وفراغية. وإذ نُقل عن مسؤولين إيرانيين توجُّس طهران من "انزلاق" موسكو مرة أخرى إلى المكيدة الأميركية، التي تُخيط مخططاً خبيثاً يقضي على المكانة القوية التي وصلت إليها روسيا في المنطقة من البوابة السورية، لفت ويسكز إلى أن تفجيرات جبلة وطرطوس التي حصلت في عقر النفوذ العسكري الروسي، موجَّهة بالدرجة الأولى إلى موسكو، "وهي ليست سوى رسالة أولية لما ينتظر تواجدها الدبلوماسي والعسكري في سورية"، وفق إشارته.

وفي السياق، كشف تقرير لصحيفة "ترود" الروسية، عن إنشاء معسكر ضخم لتنظيمات إرهابية في تركيا، لامس تعداد عناصرها عتبة التسعة آلاف، جُلّهم من الشيشان والقوقاز، تم نقلهم من الأراضي السورية إلى تركيا، بعد أن هاجمتهم المقاتلات الروسية خلال عملياتها في تشرين الثاني المنصرم، لافتاً إلى أن من ضمن أهدافه عمليات تفجيرية خطيرة في الداخل الروسي. واللافت في ما تضمنه التقرير، أن 70 متزعماً للتنظيمات المذكورة في هذا المعسكر مطلوبون لأجهزة الأمن الروسية، وهم يتلقّون التدريبات العسكرية على أيدي ضباط من الاستخبارات التركية وقادة من حركة "حماس"، معلومات دفعت القيصر الروسي - وفق إشارة الصحيفة - إلى إبلاغ دول حلف الأطلسي بأنه أعطى أوامره لسلاح الجو الروسي بضرب هذا المعسكر داخل الأراضي التركية، لما يشكّله من تهديد مباشر للأمن القومي الروسي، مع أهداف أخرى تركية يجري تحديدها.

معلومات صحافية ألمانية تقاطعت مع تقرير لمراسل صحيفة "فرانكفورتر الغيمانيه" ماركوس فينر، كشفت عن زيارة سرية لوفد أمني روسي رفيع المستوى إلى طهران الأسبوع الماضي، أعادت إحياء الخطة العسكرية المشتركة إزاء عمليات تحرير حلب، تزامناً مع تسريع زيادة وتيرة الشحنات العسكرية إلى الجيش السوري عبر الجسر الجوي والبحري بين سورية وروسيا، والجسر الجوي الإيراني - السوري عبر الأراضي العراقية. وإذ أشارت إلى حشود عسكرية غير مسبوقة للجيش السوري وحلفائه في ريف حمص الشرقي، رجّحت أن تكون وجهتها مدينة الرقة انطلاقاً من منطقة أثريا أو من ريف حلب الشرقي، أكدت المعلومات، نقلاً عن مسؤول أمني ايراني وصفته بـ"رفيع المستوى"، أن قراراً "هاماً " بات في يد الرئيس السوري بشار الأسد، حمّله المرشد الأعلى في إيران السيد علي خامنئي، لمستشاره علي أكبر ولايتي، عندما أوفده سريعاً إلى دمشق في السابع من أيار المنصرم، استبقها بمحطة في بيروت للقاء الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، الذي أكّد أن الاستعدادات باتت مُنجزة بالكامل لمواجهة خطورة السيناريوهات المستجدة ضد سورية، والمرحلة الميدانية القريبة ستحمل مفاجآت غير متوقَّعة.

وتزامناً مع ما نقله موقع "ديبكا فايلز" العبري عن جنرالات "إسرائيليين" رجّحوا أن تكون طهران وموسكو قد حددتا "ساعة صفر" لانطلاق العمليات العسكرية الأضخم في حلب، عبر دعم جوي روسي مكثّف وإيراني على الأرض إلى جانب الجيش السوري ومقاتلي حزب الله، بمؤازرة مباشرة لرئيس هيئة الأركان في القوات المسلحة الإيرانية حسن فيروز ابادي، الذي بدأ التجهيز للمعركة منذ وصوله إلى دمشق في 30 نيسان الماضي، إلى جانب قائد فيلق القدس قاسم سليماني، ثمة معلومات بدأت تشير إلى اقتراب "حرق" ورقة رجب طيب أردوغان، "الذي بات عبئاً على الحلفاء قبل الخصوم"، على اعتاب المعارك المفصلية المقبلة في الشمال السوري، وفق ما كشف موقع "انتيليجانس أونلاين" الفرنسي.