في غمرة الأحداث المتراكمة والمتتالية في المنطقة، محاولات إيجاد أرضية مشتركة بين الدول والتحالفات لمحاربة ظاهرة الارهاب المتفشي الاخذ بتهديد الامن والاسقرار العالمي، وبين مبادرة عربية معدلة ومبادرة فرنسية تجمع عليها الدول الكبرى بهدف ايجاد حل للقضية الفلسطينية ولو باجحاف، فجأة هبط وحي القبول الاسرائيلي بالمبادرة العربية المعدّلة كمبدأ للبحث عن تسوية بين العرب واسرائيل.

وفيما ينشغل العالم بمحاربة ظاهرة الارهاب المستشري، حط رئيس الوزراء الاسرائيلي ​بنيامين نتانياهو​ في موسكو التي استقبلته بحفاوة بالغة، فارشة له السجّاد الاحمر، بزيارة رسمية تستمر ثلاثة ايام يبحث خلالها مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ملفات ثلاثة هي:

- ملف فلسطين والبحث في افاق عملية السلام.

- ملف الارهاب في المنطقة والازمة السورية.

- ملف ايران وتزويدها بمنظومة دفاع جوي لا سيما س 400 المتطورة.

لكنّ اللافت في الاجتماع الذي ضم الوفدين الرسميين والمؤتمر الصحافي الذي اعقب الاجتماع هو الكلام عن تعاون بين ​روسيا​ واسرائيل في مكافحة الارهاب، وهنا استوقفتني بعض العبارات التي جاءت على لسان الرئيس بوتين خلال المؤتمر الصحافي الذي جمعه ونتانياهو في موسكو، والتي لم تكن موفّقة وتثير الكثير من التساؤلات حيث ان بوتين ساوى بين الضحية الفلسطيني والجلاد المحتل الاسرائيلي حين قال أنّ "اسرائيل شريك لنا في محاربة الارهاب"، وأنّ "روسيا تدرك تماماً ما تعانيه اسرائيل من ارهاب".

وهنا لابد لنا من السؤال: اي ارهاب تعاني منه اسرائيل وكان يقصده بوتين؟ هل كان يتحدّث عن انتفاضة السكاكين المشرّفة التي تسميها اسرائيل ارهاباً، ام عن خطر حزب الله على اسرائيل الذي اطلق عليه زورًا وبهتاناً صفة الارهاب؟

وهل اصبح النضال الفلسطيني ضد عدو محتل ومقاومته ارهابًا؟ وهل يتساوى الكفاح والنضال مع الارهاب؟

ثم نسأل، هل ان اسرائيل فعلاً تحارب داعش واخواتها من التنظيمات الارهابية، ام انها تمد يد العون للارهاب فاتحة ابواب مشافيها لاستقبال جرحى الارهاب، موظّفة داعش لتدمير اوطاننا ومجتمعاتنا ونهب ثرواتنا العربية؟

والسؤال الاهم كيف تكون اسرائيل الشريك لروسيا في محاربة الارهاب واسرائيل نفسها تتحالف مع قوى عربية خليجية تدعم وتمول الارهاب بالسلاح والمال والنفط جهارا نهاراً، ثم ان ما دامت اسرائيل شريكة لروسيا في محاربة الارهاب لماذا اسرائيل لم تحارب تركيا البوابة الرئيسية الداعمة للارهاب، والتي اسقطت لروسيا طائرة السوخوي لمجرد اقدام روسيا على ضرب البنى التحتية للارهاب وكشفت الدور التركي السيء في ازمات المنطقه لاسيما في سوريا، هذا الدور التركي الذي اسهم وما زال بتدميرها والعراق وبنهب النفط العربي العراقي والسوري؟

ثم ان هناك سؤالاً لا بد من الاجابة عنه، اليست اسرائيل نفسها صاحبة المجازر الشهيرة والاعدامات الميدانية والاعتقالات التعسفية بحق الفلسطينيين ومصادرة اراضيهم وطردهم من بيوتهم وهدمها فوق رؤوس قاطنيها وحرق اطفال فلسطينيين وهم احياء في الشوارع وداخل بيوتهم الامنة وممارسة القتل المتعمد لمجرد الشبهة فقط؟ اليس كل هذا يعتبر ارهاباً؟ اليست اسرائيل دولة ارهابية؟

عن اي ارهاب يتكلم بوتين؟

ان ممارسات اسرائيل الارهابية ضد الفلسطينيين وضد الوطن العربي هي الاساليب نفسها المتبعة من قبل داعش واخواتها، فما الفارق بين ارهاب داعش وارهاب اسرائيل؟

احقاقاً للحق، نقول ان روسيا اسهمت بشكل فاعل في تعطيل اندفاعة ارهاب داعش واخواتها في المنطقة، وذلك من خلال التدخل العسكري الروسي في سوريا وكشف الدور التركي.

ان اي تفرقة بين الارهاب الاسرائيلي الممارس ضد الفلسطينيين وغض الطرف عنه وبين ارهاب التنظيمات الارهابية العاملة في سوريا هو امر مرفوض، وحتى تكون روسيا منصفة في الحديث عن محاربة الارهاب يجب ومن الضروري ان يشمل الارهاب الاسرائيلي، والا فان اي حرب ضد الارهاب من جانب واحد لن تكون مجدية...