دعا رئيس مجلس النوّاب نبيه بري اللجان النيابيّة المُشتركة إلى جلسة مُشتركة تُعقد يوم الأربعاء المقبل، لمتابعة درس إقتراح القانون الرامي إلى تعديل قانون الإنتخاب باعتماد صيغة النظام المُختلط بين الأكثري والنسبي. فهل نحن على باب قوسين من تحقيق خرق في هذا المجال؟

منذ التمديد الثاني للمجلس النيابي الحالي في تشرين الثاني من العام 2014(1)، تتراشق الكتل والهيئات السياسيّة الإتهامات بشأن أسباب عرقلة تنظيم إنتخابات نيابيّة جديدة، في ظلّ إحتدام الصراع بين هذه الكتل والهيئات لتمرير مشروعها الإنتخابي المفضّل من بين 17 مشروع قانون وإقتراح قانون جرى طرحهم على الطاولة. وتحديد السابع والعشرين من الشهر الجاري لعقد جلسة جديدة للجان النيابية المُشتركة، لم يأتِ بسبب تحقيق تقدّم في هذا الملف الذي يُعيق إعادة تحريك دورة الحياة السياسيّة الطبيعيّة في لبنان! بل هو بمثابة فرصة أخيرة أمام تحقيق خرق عشيّة جلسات آب الحواريّة الكثيفة. وفي هذا السياق، فانّ الهدف من جلسة الأربعاء المقبل مُحاولة التوصّل إلى توافق على إطار عريض لطبيعة قانون الإنتخابات المقبل، ليكون بمثابة ورقة تفاهم تُطرح في الجلسات الحوارية المُنتظرة على مدى ثلاثة أيّام متتالية، وتحديدًا في 2 و3 و4 آب المقبل. وبالتالي إنّ فشل اللجان النيابيّة المُشتركة في تحقيق خرق في ملف قانون الإنتخابات يعني الوصول إلى جلسات الحوار من دون أيّ مُعطى إيجابي، في ظلّ غياب أيّ توافق إقليمي أو دَولي للمساعدة على حلحلة المُعضلات اللبنانيّة المُتشابكة.

وبالتالي، إنّ إنعقاد جلسات آب الحواريّة من دون توافق ضمني ومُسبق على طبيعة قانون الإنتخاب، سيحدّ أكثر فأكثر من فرص التوصّل إلى تفاهم شامل، لأنّ كل المعلومات المتوفّرة حاليًا تؤكّد أن لا مجال لإحداث خرق في موضوع رئاسة الجُمهوريّة ما لم يسبق ذلك توافق على المواضيع الأخرى محط الخلاف الداخلي، وفي طليعتها مسألة قانون الإنتخابات النيابيّة. وصار من المحسوم أنّ لا إنتخاب لرئيس جديد للبلاد من دون توافق مُسبق على قانون جديد للإنتخابات، وعلى شكل وطبيعة الحكومة وهويّة رئيسها، وعلى غيرها من المواضيع ومنها الملف النفطي، وعلى غيرها من التعيينات المفصليّة ومنها قادة الأجهزة الأمنيّة. وحتى الساعة، تبدو فرص حدوث أيّ خرق على مُستوى الملفّات العالقة مُستبعدًا، حيث يُتوقّع ألاّ تنجح جلسة اللجان المُشتركة الأربعاء المُقبل في التوافق على قانون إنتخابي مُوحّد، ما سيُضعف تلقائيًا الآمال المعقودة على جلسات الحوار بعد نحو أسبوعين.

ويبدو أنّ جلسات الحوار المُرتقبة في آب المُقبل ستكون بمثابة "بروفا" لمؤتمر تأسيسي يضغط أكثر من طرف سياسي لعقده في المُستقبل القريب، بحجّة أنّه الطريق الوحيد للخروج من المأزق، علمًا أنّ هذا الإصرار يخفي رغبة واضحة في فرض الخطوط العريضة للحلّ وفق منطق رابح وخاسر على الصعيد الإقليمي. في المُقابل تُعارض جهات سياسيّة فاعلة أخرى هذه "السلّة"، وتعمل على فصل الملفّات العالقة بعضها عن بعض، لأنّها تعتبر أنّ المسار الطبيعي والقانوني لمختلف الإنتخابات والتعيينات واضح في الدستور، علمًا أنّها تتخذ من هذا الأمر ذريعة لتأجيل الحلول المُستهدفة إلى مرحلة لاحقة. وليس سرًّا أنّ الداعين إلى توافق شامل على الملفّات العالقة وفق "سلّة" حلول شاملة، وكذلك الّذين يدعون إلى فصل المسارات بعضها عن بعض، يتماهون مع جهّات إقليميّة مُؤثّرة لم تُقرّر بعد منح لبنان "الضوء الأخضر" المطلوب لوضع الحلول المنشودة على السكّة الصحيحة.

في الختام، وفي الوقت الذي يتسارع فيه العد التنازلي لموعد إجراء الإنتخابات النيابيّة في حزيران 2017 من دون التوصّل إلى صيغة مُوحّدة لطبيعة القانون الإنتخابي الجديد، يبدو أنّ فترة الإنتظار الطويل والثقيل ستطول أكثر فأكثر، ليزيد معها حال تراجع وتحلّل الدولة في إنتظار "الفرج" الذي لا بُد أن يأتي من الخارج، عاجلاً أم آجلاً.

1. بعد تمديدها للمرّة الأولى في حزيران 2013، مدّد المجلس النيابي اللبناني ولايته الدستورية مرّة ثانية، وذلك لسنتين وسبعة أشهر تنتهي في حزيران 2017، بأغلبيّة 95 نائبًا من أصل 128، مع تسجيل مُعارضة نائبين من حزب "الطاشناق" وغياب نوّاب "التيار الوطني الحُرّ" عن الجلسة.