لا يختلف إثنان على أنَّ شهر أيلول المقبل سيكون شهراً مفصلياً بالنسبة إلى الوضع اللبناني، كما بالنسبة إلى تطورات المنطقة والعالم والتي سيكون لها انعكاسات على الوضع اللبناني:

ثلاثة مواعيد، كبيرة وصغيرة في آن واحد، في مطلع أيلول المقبل:

جلسة حوار، جلسة انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وجلسة لمجلس الوزراء:

الجامع المشترك لهذه الجلسات الثلاث أنَّ نسبة عدم إنتاجيتها ستكون أكبر من نسبة إنتاجيتها، فجلسة الحوار بات معروفاً ومسلَّماً به أنَّها ستكون كسابقاتها، غير منتجة، وجلسة انتخاب الرئيس لن ينجم عنها انتحاب رئيس، أما جلسة مجلس الوزراء فربما تكون كجلسة أول من أمس الخميس، أقل من عادية.

في آخر أيلول المقبل تنتهي ولاية قائد الجيش العماد جان قهوجي، كل المعطيات تشير إلى أنَّ وزير الدفاع سيقترح تأجيل التسريح، للمرة الأخيرة ، في ظل تعذر تأمين أصوات ثلثي مجلس الوزراء لتعيين قائد جديد للجيش.

إلى أين سيصل التيار الوطني الحر في معارضته لخيار التمديد لقائد الجيش؟

وزراء التيار لن يستقيلوا، وهذه نقطة ضعف بالنسبة إليهم وليست نقطة قوة.

وحتى الآن فإنَّ خيار تأخير التسريح، وهو عملياً تمديد، يتقدّم على تعيين قائد جديد للجيش.

إستحقاقٌ أيلوليٌّ حياتي لا مفر منه، وهو استحقاق التيار الكهربائي، فالأحد المقبل تنتهي عقود مقدمي الخدمات كهربائياً، فماذا سيجري؟

هل ستدب الفوضى كهربائياً؟

أم ستكون وزارة الطاقة بوزيرها الصامت أمام خيار التمديد ولو مكرهةً لهذه الشركات؟

أما الإستحقاق الأكبر فهو استحقاق تأمين الإعتمادات المالية لرواتب موظفي القطاع العام، بمن فيهم مَن هم في المؤسسات العسكرية والأمنية. وهنا فإنَّ مجلس النواب مرغم على عقد جلسة عامة لتأمين هذه الإعتمادات، فكل الصراخ في هذا المجال لن يجدي نفعاً لأنه ما لم تنعقد الجلسة فليس هناك رواتب للقطاع العام وللمؤسسات العسكرية.

وسيُحرِّك شهر أيلول أيضاً مسألة الإنتخابات النيابية من باب القانون الجديد لهذه الإنتخابات. لا إمكانية، في ما تبقَّى من وقت لموعد الإنتخابات، لإنجاز قانون جديد للإنتخابات، وعليه فإنَّ قانون الدوحة المنبثق من قانون الستين سيكون الوحيد في الميدان، لأنه يقع في منتصف الطريق بين التمديد الثالث المرفوض وبين القانون الجديد المستحيل.

في ظل كل هذا الصراخ، وهذا الحوار الداخلي الذي يأخذ عنوان الصراخ أكثر مما يأخذ عنوان النقاش، لنتطلَّع قليلاً إلى ما يجري حولنا:

حرب اليمن تضع أوزارها، وها هو رئيس الدبلوماسية الأميركية جون كيري يناقش مرحلة ما بعد حرب اليمن مع قادة الخليج تحت سقف أن تسلِّم الميليشيات أسلحتها وتالياً تشكيل حكومة وحدة وطنية.

... ونحن نتلهى بصراخ الحوار.