تعززت حظوظ قائد الجيش العماد ​جان قهوجي​ في الأسابيع الماضية، وبات الحديث عن امكانية وصوله الى سدة الرئاسة الاولى يتكرر في اكثر من عاصمة وعدد من القوى الداخلية الفاعلة.

لِمَ لا؟ في حال فشل الاتفاق على "مرشح طرف" بعد كل فترة الشغور الممددة لنفسها، يسود الاعتقاد ان الحل يكون بإختيار "مرشح توافقي".

دار الحديث عن امكانية وصول رجلين قياديين: إمّا حاكم مصرف لبنان ​رياض سلامة​ الذي تتمسك به عواصم القرار الدولي في مركزه المالي لقدرته وحُسْن تجربته، وإمَّا قائد الجيش الذي ثبّت نجاحه على رأس ​المؤسسة العسكرية​ في أصعب الظروف التي يمر بها لبنان والمنطقة.

لماذا قهوجي؟

لأنه اجتاز على رأس القيادة أدقّ معمودية نار حيّة منذ عام 2011. هل يذكر اللبنانيون تلك المحاولات الخبيثة لشق صفوف الجيش؟ هل يتذكر المواطنون الشائعات واللعب على الاوتار الطائفية والمذهبية لإحداث إنشقاقات؟ هل يذكرون محاولات الإرهابي احمد الاسير، وما رافقها من خطاب مشحون تمدد على مساحة كبيرة؟ لكن الجيش اللبناني وحده استطاع التغلب اولا على استهداف صفوفه معنوياً وبشكل مباشر. ونجحت المؤسسة العسكرية بفضل قيادتها وضباطها من تجاوز أصعب مرحلة يمر بها الجيش والوطن ولا تزال.

سيشهد التاريخ ان قيادة عسكرية حكيمة تعرضت لاستهداف معنوي مباشر صمدت ونجحت في تخطي الصعاب. فلا الاسير استطاع الصمود ولا الخطاب الطائفي حقق أي مبتغى داخل صفوف المؤسسة العسكرية وحتى خارجها.

سيشهد التاريخ ان تلك القيادة استطاعت بحنكتها ان تمسك زمام المبادرة. إسألوا قيادة "حزب الله" عن سبب تمسكها بقهوجي قائدا للجيش وهي تمضي بخيار التمديد له. إبحثوا عما فعلته تلك القيادة بإدارة ملف المواجهة مع الإرهاب. فتشوا عما حصل في الجرود الشرقية في السنوات القليلة الماضية. وكيف استطاع اصغر الجيوش في المنطقة وأقلها تسليحاً وعتاداً أن يجابه أخطر المجموعات الإرهابية.

تذكروا التناغم الحاصل بين إدارتي الجيش و"حزب الله" الذي لا يزال حيّا يشهد في سبيل هدف نبيل: حماية لبنان.

لو لم يكن هذا التنسيق لكان "​تنظيم داعش​" في بقاعنا وساحلنا، ولكانت "جبهة النصرة" داخل قرانا الشمالية والبقاعية على الأقل.

لو لم يكن قهوجي قائداً، ربما كنّا نعاني من غياب الدور الذي يؤديه الآن على رأس المؤسسة العسكرية، وبالتالي الأهداف الوطنية التي تتحقق.

هذه إحدى الأسباب التي تجعل التمسك بِه قائدا للجيش واجباً وطنياً، وقد تكون هي من ضمن الأسباب ذاتها لطرحه "مرشح توافقي مجرّب".

الرضا ذاته في عواصم القرار الدولي عن أداء القيادة العسكرية. هي تلعب ادواراً مميزة ترصدها تلك العواصم، ما يساهم في رفع رصيد قائد الجيش ويدفعه نحو إمكانية قيادة البلاد.

في الأيام الماضية دار نقاش سياسي حول ارتفاع حظوظ قهوجي للرئاسة او على الأقل بإعتبار التمديد له يسمح بإنتقاله لاحقاً من اليرزه الى بعبدا. اذا ما العمل بالنسبة للقوى المتضررة من ذلك؟ المعلومات تحدثت عن اقتراحات جرت لاستهدافه معنوياً وشن حملة عليه تسبق او تتزامن مع التمديد له.

لكن ذلك سيضرّ بالمؤسسة العسكرية التي ستُصاب بشكل غير مباشر في لحظة نحن بحاجة ان نداري فيها الجيش ونراعي معنوياته كي تبقى مرتفعة.

في ظل الشغور والفراغ وتجميد العمل بالمؤسسات لم يبق للبنانيين الا المؤسسة العسكرية وحيدة، يجب المحافظة عليها كي يبقى لبنان في زمن تهاوي الدول وإصابات الجيوش ورسم الخرائط وتدحرج الأمان الى أسفل الدرك. خصوصاً ان مليوني نازح على الأقل في لبنان الآن لا يضمن حركتهم ولا عودتهم لاحقاً الى سوريا الا بقاء الجيش اللبناني متيناً. هل يُدرك اللبنانيون مخاطر هذا النزوح؟ ها بدأنا نحصد نتائجه ونتلمس يومياً آثاره. فلنحافظ على آخر ما تبقى لنا من مؤسسات الدولة. والحفاظ يكون من رأس الهرم الى آخر مجنّد في الجيش.