في المنطق الوطني، كان يُفترض أن تُقابَل عملية ​الجيش اللبناني​ النوعية في ​مخيم عين الحلوة​، والتي أسفرت عن توقيف أمير "داعش" في المخيم ​عماد ياسين​ بالترحيب والتنويه من قبل جميع اللبنانيين دون استثناء، باعتبار أنّها شكّلت صفعة قوية في وجه الإرهابيين والتكفيريين، الذين يفترض أيضاً أن يكون جميع اللبنانيين دون استثناء يدركون جهنمية مخططاتهم التخريبية وخطورتها.

لكنّ كلّ هذه المعايير والمقاييس تسقط، عندما تدخل السياسة على الخط. من هذا المنطلق، برزت خلال الساعات الماضية حملات مستغرَبة على الجيش وقائده العماد ​جان قهوجي​، تارةً من باب نبش ما قيل أنها ملفاتٍ مالية له، وتارة من خلال ذهاب البعض لحدّ التقليل من الإنجاز الذي حقّقه الجيش، خشية استثماره ربما في السياسة.

على وسائل التواصل الاجتماعي، كانت هذه الاعتبارات غائبة، بحيث كان الدفاع عن الجيش الجامع الأبرز لمعظم الناشطين، وإن اختار البعض إعادة نشر بعض ما كُتب، خصوصًا حول التسهيلات المصرفية التي قيل أنّ العماد قهوجي حصل عليها، وكشفت "النشرة" في وقتٍ سابق حقيقتها. وإذا كان أحمد رأى أنّ من يقف وراء تسريب الخبر معروفاً، معتبراً أنّه يندرج في خانة التصويب على العماد قهوجي على أبواب التمديد له في قيادة الجيش، رأى أنطوان سلمون أنّ قهوجي "شجرة مثمرة تُرمى بالحجارة"، لافتاً إلى أنّه مرشحٌ جدي لرئاسة الجمهورية، "وهذا هو السبب الذي يبطل العجب". وفي حين لفت أحد المغرّدين إلى أن العماد قهوجي "أشرف من كلّ الزعماء ويده نظيفة"، استغرب آخر، ولقبه "الصايغ"، كيف يترك البعض 128 معتديًا و24 فاسدًا وفاشلاً، على حدّ تعبيره، ويتفرّغون للتصويب على قائد الجيش.

في المقابل، برز إجماعٌ على وسائل التواصل للترحيب بعملية الجيش النوعية في عين الحلوة. وفي هذا السياق، هنّأ حمزة مشيك وبارك للجيش ومخابراته الإنجاز، وشدّ على أيديهم، ووافقه رفيق نجا، الذي توجّه للجيش بالقول "تسلم يا عسكر لبنان"، داعياً لإعدام أمير "داعش" عماد ياسين شنقاً في بيروت. ورأى أبو حيدر أنّ ما تحقق "صفعة لا مثيل لها للارهابيين والتكفيريين وللجهات الاقليمية والدولية الراعية لهم"، في حين اعتبر وائل نعمة أنّ عناصر مخابرات الجيش "انقذوا الكرة الارضيّة وجيراننا في كوكب زحل من تفجيرات ياسين".

ووجّه يوسف جابر بدوره التحية للجيش على الإنجاز العظيم، متمنياً محاكمة من وصفه بـ"الخائن" في العلن. التحيّة نفسها وجّهتها ليلى مسلماني للجيش الذي وصفته بـ"البطل"، قبل أن تتوجّه إلى "الدواعش"، كما وصفتهم، بالقول "أيّها الدواعش دعسناكم في سوريا وفي العراق، وإذا ما اقتربتم من لبنان سنسحقكم". وفيما لفت محمد حيدر حرب إلى أنّ العملية كانت "دقيقة جداً"، توجّه إلى أبطال الجيش بالقول "سلمتم يا رجال".

أما زياد عز الدين، فوجّه "الف تحية لأبطال الجيش اللبناني الذين اعتقلوا أمير الكفر والقتل والإرهاب والإجرام في مخيم عين الحلوة الداعشي عماد ياسين"، وتوجّه للسياسيين بالقول "ارفعوا أيديكم عن قرار الجيش اللبناني وأطلقوا حرية الجيش لكي يحمي الوطن أكثر مما يفعل رغم الإمكانات الفقيرة". ومثله فعل شارل أبي نادر الذي وجّه "اكبر تحية احترام وتقدير لأبطال مخابرات الجيش اللبناني لتنفيذ العملية الخاطفة في مخيم عين الحلوة وتوقيف الارهابي مسؤول داعش بالمخيم".

وتوقف كثيرون عند كون ياسين فلسطينياً، فاستهجن أحد الناشطين كيف أنّه كان ينوي تخريب لبنان واغتيال عددٍ من المسؤولين، "ولنذالته نسي أنّ أرضه مغتصبة وشعبه يُقتَل على يد الصهاينة". ولم يخالفه "محتسب على العرب" في ما ذهب إليه، فقال: "كم تاه الفلسطينيون في الشتات عن الهدف، فباتوا يضربون في كلّ مكان إلا إسرائيل".

قد يكون الالتفاف حول الجيش من الأمور النادرة التي لا تزال تجمع اللبنانيين، كلّ اللبنانيين، وهو ما يؤكده رصد وسائل التواصل الاجتماعي، على أمل أن تصل صرختهم لمن يجب أن تصل إليهم، فيحيّدوا المؤسسة العسكرية عن المعارك السياسية، لأنّ خلاف ذلك قد يؤدي لما لا تُحمَد عقباه...