في 6 شباط 2006، وقّع كل من رئيس "التيار الوطني الحُرّ" في حينه، العماد ميشال عون والأمين العام لـ"حزب الله" السيّد حسن نصر الله، وثيقة تفاهم ثنائي غيّرت الكثير على مُستوى الساحة السياسيّة في لبنان، وجاء في أحد بنودها الأساسيّة "إنّ إصلاح وانتظام الحياة السياسيّة في لبنان يستوجبان الإعتماد على قانون إنتخاب عصريّ، قد تكون النسبيّة أحد أشكاله الفعّالة، بما يضمن صحّة وعدالة التمثيل الشعبي...". واليوم، وبعد مرور 11 سنة على توقيع هذه الوثيقة، وعلى بُعد ثلاثة أشهر فقط من الموعد المُفترض لتنظيم الإنتخابات النيابية المُقبلة، ما هي "نقاط الإلتقاء" و"نقاط التباين" بين كل من "حزب الله" و"التيار الوطني الحُرّ" بشأن الإنتخابات وقانونها وتحالفاتها وكل ما يرتبط بها بشكل أو بآخر؟

بالنسبة إلى "نقاط الإلتقاء"، فأبرزها:

أولاً: التوافق بين "حزب الله" و"التيار الوطني الحُر" منذ أكثر من عقد من الزمن على قانون إنتخابات يعتمد النظام النسبي لا يزال قائمًا حتى تاريخه، مع تمسّك "الحزب" به بدرجة أعلى من تمسّك "التيار"، كونه يرغب بإيصال حلفاء له يملكون نحو ثلث الأصوات ضمن ناخبي المذهبين السنّي والدرزي.

ثانيًا: التوافق الإنتخابي بين "الحزب" و"التيّار"، والذي تُرجم بشكل واضح في دورة العام 2009 الأخيرة، لا يزال قائمًا على الرغم من التغييرات التي حصلت على صعيدي تحالفي قوى "8 و14 آذار" السابقتين.

ثالثًا: التوافق قائم بين "الحزب" و"التيّار" على إحداث تغيير داخلي على المُستوى السياسي عن طريق الإنتخابات النيابيّة، الأمر الذي قد يقود إلى إنجاح العهد الرئاسي بالنسبة إلى "التيّار"، وربّما إلى فرض مُعادلات سياسيّة داخليّة جديدة بالنسبة إلى "الحزب".

بالنسبة إلى "نقاط الإختلاف"، فأبرزها:

أولاً: "حزب الله" يرفض الدُخول في أيّ فراغ على مُستوى السلطة التشريعيّة، أيّا تكن التنازلات المطلوبة لتحقيق ذلك، بينما يلوّح "التيار الوطني الحُر" بورقة التصعيد، وُصولاً إلى رفض إجراء الإنتخابات وفق القانون النافذ حاليًا، في حال الفشل في التوصّل إلى قانون إنتخابي جديد.

ثانيًا:لا يُحبّذ "الحزب" التصعيد في الشارع في هذه المرحلة، كونه قد يدفع أفرقاء آخرين إلى اللجوء إلى تصعيد مُضاد، الأمر الذي قد يُهدّد الإستقرار، بينما يضع "التيار" خيار التظاهرات الشعبيّة كإحدى وسائل الضغط المُحتملة والواردة بنسبة كبيرة.

ثالثًا: "حزب الله" يعتبر نفسه غير مُلزم على الإطلاق بأيّ تحالفات إنتخابية أو سياسيّة عقدها "التيار الوطني الحُرّ"، وأنّه من واجبه التصويت لمُرشّحي "التيار" فقط لا غير، مع ترك خياراته مفتوحة لجهة التصويت لمُرشّحين على لوائح منافسة، على حساب مُرشّحين مُتحالفين مع "التيّار" وفي طليعتهم مرشّحي حزب "القوات اللبنانيّة". بينما "التيّار" مُستعد للتصويت للوائح مرسومة وفق تحالفات واسعة وتضمّ ممثّلين عن الكثير من القوى التي له معها علاقات ثنائيّة جيّدة.

رابعًا: "حزب الله" حريص كل الحرص على عدم إسقاط مُرشّحي قوى حليفة له، ومن بينها قوى مسيحيّة على غرار "تيّار المردة" و"الحزب القومي السوري" على سبيل المثال لا الحصر، بينما "التيّار الوطني الحُرّ" يعتبر أنّ صناديق الإنتخاب هي التي يجب أن تُحدّد المُمثلين الحقيقيّين للشعب اللبناني ككل، وللطائفة المسيحيّة بالتحديد، بعد سنوات طويلة من الهيمنة على قرارها ومن تزوير إرادة ناخبيها عبر فرض قوانين إنتخابية لا تسمح للناخب المسيحي بأن يكون خارج تأثير الناخبين الأكثر عددًا من باقي الطوائف والمذاهب في العديد من الدوائر.

في الخلاصة، لا شكّ أنّ الأيّام والأسابيع القليلة المُقبلة ستكون حاسمة بالنسبة إلى عمليّة شدّ الحبال الدائرة على مُستوى الملفّ الإنتخابي حاليًا. وتبعًا لنتائج هذا الأمر، سيُعاد خلط العديد من أوراق التحالفات. وإذا كان صحيحًا أنّ تفاهم "الحزب"–"التيّار" ثابت وراسخ بحسب ما أثبتت التجارب منذ أكثر من عقد من الزمن، فإنّ الأصحّ أنّ مصالح القوى الحليفة لكل منهما، ستتضارب بقوّة في حال الفشل في التوصّل إلى قانون إنتخابي بأسلوب التسوية المُرضية للجميع، وعندها كل الخيارات الإنتخابيّة ستكون مفتوحة على مصراعيها.