تقرير الأسكوا 2017، ليس هو الدليل الوحيد على أنّ إسرائيل نظام فصل عنصري، فالجمعية العامة للأمم المتحدة أصدرت في العام 1975، قرارها رقم 3379، وهو يساوي الصهيونية بالعنصرية، باعتبار أنّ الصهيونية شكل من أشكال العنصرية والتمييز العنصري . لكن الأمم المتحدة ألغت القرار المذكور سنة 1991، بعد أن مارس اللوبي الصهيوني ضغوطاً على الجمعية العامة، مستفيداً من الأوضاع الدولية والإقليمية على اثر تفكك الاتحاد السوفياتي، ومستخدماً شعار السلام لفرض الاستسلام على الأنظمة العربية، والاستفراد بتصفية المسألة الفلسطينية.

ما هو مؤكد، أنّ إدانة إسرائيل بأنها عنصرية لا يحتاج تقريراً من الأسكوا ، ولا حتى قراراً من الجمعية العامة للأمم المتحدة، فالممارسات الإسرائيلية الوحشية ضدّ الفلسطينيين، والمجازر المرتكبة بحق أطفال فلسطين ولبنان، والأعمال العدوانية الإرهابية وسياسات التهويد والاستيطان، والقوانين العنصرية، بما فيها قانون أملاك الغائبين ، كلها تشكل أدلة قاطعة على عنصرية إسرائيل .

الأمم المتحدة ليست منظمة مستقلة، بل هي خاضعة لنفوذ دول بعينها، وواضح أنّ لأميركا و إسرائيل نفوذاً طاغياً وسطوة كبيرة، فقبل 25 عاماً تمّ إلغاء القرار 3379 الذي يساوي الصهيونية بالعنصرية، واليوم يسحب الأمين العام للأمم المتحدة تقرير الاسكوا ، لأنّ هذا التقرير يعتبر إسرائيل نظام فصل عنصري!

إنّ أمراً على هذا النحو من الخطورة، لا يجب أن يبقى محصوراً بالفعل الذي أقدمت عليه السيدة ريما خلف واستقالتها من منصب الأمينة التنفيذية للاسكوا. فهذه السيدة قامت بما رأته مفيداً وصائباً، وهي فقدت منصبها، لكنها ربحت كرامتها وعنفوانها وعزتها.

السيدة خلف ليست وحدها من يتمّ تدفيعها ثمن التشهير بالعنصرية، بل إنّ أبناء شعبنا في فلسطين يدفعون كلّ يوم أثماناً باهظة على يد الصهاينة. الصهاينة العنصريون يقتلون أبناء شعبنا بدم بارد، يعتقلونهم ويعذبونهم بوحشية، يهجّرونهم من بيوتهم وأرزاقهم، ويمارسون بحقهم أشكال الاضطهاد والظلم والحقد العنصري كلها.

يخطئ من يعتقد أنّ إسرائيل اليهودية العنصرية الاستيطانية الاحتلالية ستكتفي بسحب تقرير الاسكوا وإطاحة المديرة التنفيذية من منصبها. إنّ هذا الكيان العنصري هدفه زهق الأرواح ونهب الأرزاق والأملاك وتكريس احتلال الأرض، وسحب حق العودة وسحق حق المقاومة حتى تصفية المسألة الفلسطينية بصورة نهائية.

هذه إسرائيل العنصرية، مدعومة من أميركا والغرب وهي مدجّجة بالسلاح الأخطر، وتمتلك منظومة إرهابية تنتشر في سورية والعراق، كما لها عملاء في كلّ مكان، ويدها طائلة في أمور النفط العربي أكثر بكثير من عربان النفط…!

هذه إسرائيل العنصرية، لا تُدان بالمواقف والتظاهرات، ولا تهتزّ فرائصها بالذهاب الى المحافل الدولية ومنظمات حقوق الإنسان…!

هذه إسرائيل عدو لا يُهزم إلا بالمقاومة. وما لنا من اتصال مع هذا العدو سوى اتصال الحديد بالحديد والنار بالنار.