ستكون العاصمة السعودية، يوم الأحد في 21 الحالي، على موعد مع قمة عربية إسلامية أميركية، تتزامن مع زيارة رئيس الولايات المتحدة ​دونالد ترامب​ إلى الرياض، كان الملك السعودي ​سلمان بن عبد العزيز​ قد وجّه الدعوات لحضورها لعدد من القادة، من بينهم رئيس الحكومة ​سعد الحريري​، الأمر الذي فتح الباب أمام موجة واسعة من التساؤلات حول دور لبنان في هذه القمة، لا سيما أن التوجهات هي نحو إطلاق محور جديد، برعاية واشنطن، هدفه محاصرة نفوذ إيران في منطقة الشرق الأوسط.

على هذا الصعيد، يدرك المعنيون في الساحتين الإقليمية والدولية حساسية الوضع اللبناني الداخلي، في ظل الإنقسام الحاد بين مختلف الأفرقاء حول الموقف من القضايا الشائكة على مستوى المنطقة، لا سيما بالنسبة إلى العلاقة مع طهران، الأمر الذي يستحيل معه إنخراط لبنان بشكل رسمي في أي محور، وهو الذي كان قد ذهب نحو الإعتماد على سياسة "النأي بالنفس" بعيداً عن إنخراط أغلب القوى السياسية في ما يجري حوله من أحداث.

في هذا السياق، لا تخفي مصادر نيابية في قوى الثامن من آذار، عبر "النشرة"، خشيتها من المشاركة اللبنانية الرسمية في هذه القمة، عبر رئيس الحكومة، خصوصاً في ظل العناوين الرئيسية للسياسة الأميركية السعودية في المنطقة، والتي تنحو باتجاه التصعيد في وجه الجمهورية الإسلامية في إيران، وتشير إلى أن الأوضاع المحلية مع الإضطراب السياسي الناجم عن الخلاف حول قانون الإنتخاب لا تحتمل المزيد من التصعيد على خلفية المواقف من الملفات الإقليمية العالقة، لا سيما في سوريا والعراق واليمن والبحرين، وتضيف: "من المفترض أن الجميع يدرك هذا الواقع جيداً، وبالتالي لا مجال للعب بالتوازنات القائمة على تسويات متعددة".

من وجهة نظر هذه المصادر، لا يستطيع لبنان تحمل لعبة المشاركة في محور "إعتدال" جديد، على غرار ذلك الذي كان سبباً في إندلاع الحروب في الشرق الأوسط، والتي كان العدوان الإسرائيلي في شهر تموز من العام 2006 أحد أبرز مظاهره، وتؤكد بأن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لا يمكن أن يوافق على هذا الأمر، لكن هذا لا يمنعها من التساؤل عن أسباب المشاركة، وتأمل أن يكون الموقف الرسمي واضح في حال أراد البعض في المنطقة أن يغامر في سياساته، كي لا تتحول البلاد إلى ساحة من ساحات الإشتباك المفترض.

في الجهة المقابلة، تؤكد مصادر نيابية في كتلة "المستقبل"، عبر "النشرة"، أن لبنان لا يمكن أن يتجاهل دعوة وجهت له للمشاركة في قمة على هذا المستوى، حيث من المفترض أن يشارك فيها، بالإضافة إلى الرئيس الأميركي والملك السعودي، مجموعة من قادة دول المنطقة، لا بل ترى أن الحضور يصب في مصلحة البلاد بالدرجة الأولى، لا سيما أن لبنان لديه الكثير من الملفات التي تحتاج إلى التنسيق والتعاون على المستوى الإقليمي والدولي، أبرزها ملف النازحين السوريين الضاغط على كافة المستويات الإقتصادية والإجتماعية والأمنية والسياسية.

بالنسبة إلى هذه المصادر، الهواجس التي يعبر عنها البعض في قوى الثامن من آذار، خصوصاً من جانب "حزب الله"، ليست في مكانها، خصوصاً أن القوى المشاركة في هذه القمة تدرك جيداً الخصوصية اللبنانية، وهي أصلاً في السابق سعت إلى إبقائه بعيداً عن النيران المشتعلة في المحيط، من خلال الدفع إلى التسويات المحلية، بالرغم من الدور الذي يقوم به الحزب في الخارج، وتشدد على أن السياسة الخارجية تحدد بالتفاهم بين رئيسي الجمهورية والحكومة، وهذا الأمر أثبت نجاحه في القمة العربية التي عقدت في الأردن في الفترة الأخيرة، ومن المؤكد أن الموقف في قمة الرياض سيكون منسقاً بين عون والحريري إلى أبعد حدود، وتضيف: "لبنان لا يمكن أن يبتعد عن سياسة النأي بالنفس، لكن في المقابل لا يجب أن يغلق أبوابه على المستويين العربي والدولي".

في المحصلة، هي قمة على مستوى عال من الأهمية لن يكون لبنان بعيداً عنها، لكن هل يتفهم المشاركون فيها الخصوصية الداخلية، خصوصاً بالنسبة إلى العلاقة المزدوجة مع السعودية وإيران معاً من جانب الأفرقاء المحليين؟