عندما شن العدوان على سورية و شرعت أبواب الحرب الكونية عليها في العام 2011 ، لم تكن سورية وحدها مستهدفة بل كان ظاهرا محورا المقاومة كله و باطنا المنطقة كلها و منها لبنان استهداف يرمي الى الهدم و التجزئة ثم إعادة التركيب لانتاج ​الشرق الأوسط الجديد​، الأميركي القرار و السيطرة و المستعمر في الحقيقة و الواقع ، وتأكد ذلك في الخريطة التي اعلتنها "داعش " لدولتها المزعومة و شملت 6 دول جاء لبنان احداها طبعا إضافة لسورية و ​العراق​ و ​الأردن​ و ​الكويت​ و ​فلسطين​ (أضيفت للتعمية لان داعش هي تنظيم ​الإرهاب​ التكفيري ​المصنع​ ليكون الجيش السري للمخابرات الأميركية ( و كل قول اخر يكون بمثابة التجاهل او التعمية او السطحية في النظرة للأمور )

لقد كان في أساس خطة العدوان على المنطقة التجزئة وتقطيع الاوصال، وهي السياسة التي عبر عنها ​القرار 1559​ المتخذ في العام 2004 في ظل نظام القطبية الأحادية والسيطرة الأميركية على العالم. قرار جاء غريبا عجيبا لا يمت بصلة الى القانون الدولي العام لما فيه من انتهاك للسيادة الوطنية وللقرار السيادي الذي تمارسه الدول المستقلة في نسج العلاقات والاتفاقات فيما بينها، والمهم في القرار كان فصل لبنان عن سورية وباي طريقة كانت ،بعد اخراج ​الجيش السوري​ منه، ثم إعادة صياغة العلاقة بين البلدين على أساس الخصومة والعداء خلافا لطبيعة الجغرافية والتاريخ بينهما. ورغم وجود قوى وازنة في لبنان ترفض وتقاوم هذا النهج والسلوك الأميركي، فقد حقق الأخير خرقا ونجاحا الى حد كبير ترجم بشبه قطيعة رسمية بين الدولتين ما جعل ​عملاء إسرائيل​ الذين اخرجوا من السجون بعفو عام ينظرون وبكل وقاحة للعداء بين الدولتين.

لقد عاش لبنان وسورية في ظل تلك السياسة أسوأ فترة من العلاقة بين البلدين، ولما شنت الحرب الكونية على سورية ساهم الفريق اللبناني المنقاد للسياسة الأجنبية العدوانية ساهم في العدوان وفقا لما تتيحه له ظروفه وإمكاناته، وفتحت الأرض اللبنانية للإرهابيين، ولما حاول ​الجيش اللبناني​ ان يقفل الباب غلت يده من قبل طبقة سياسية مرتهنة، ودفع الجيش اللبناني ثمنا باهظا مقابل ذلك تمثل بشهداء وجرحى وأسرى منه لازال بعضهم بيد الإرهابيين.

لكن سورية ومحور المقاومة كله معها لم ييئسوا و لم تفتر عزيمتهم في المواجهة ، و صمدوا خلال 7 سنوات صعبة عملوا خلالها في مواجهة تكتل دولي حشد بقيادة أميركية حتى بلغ ال 133 دولة ، و دارات المواجهة التي تقلبت بين كر و فر شهد فيها الميدان البطولات الكبيرة التي ابداها محور المقاومة في مواجهة جرائم العدوان المتعددة العناوين و الأساليب ،مواجهة بدأت نهايتها تلوح في الأفق الان لتؤكد انتصار الحرب الدفاعية التي تخوضها سورية و محور المقاوم و الحلفاء ، انتصار تستقرأ ارهاصاته اليوم من عدة عناوين ، اكثر ما فيها من معاني عودة العلاقة بين البلدين لبنان و سورية الى ما يجب ان تكون عليه ، فبعد ان بدأ العدوان بمحاولة فصلهما في العام 2004 ، فأنها اليوم يعودان الى العمل معا في خنادق القتال و ميادين الإنتاج ، و هذا ما يدل عليه وجود الوزراء اللبنانيين الثلاثة في ​معرض دمشق الدولي​ 59 الذي افتتح منذ ثلاثة أيام ، كما و عملية تطهير ​سلسلة الجبال الشرقية​ على ​الحدود اللبنانية السورية​ من الإرهابيين .

ففي العنوان الأول، أي معرض دمشق الدولي، فاننا أولا نتوقف عند دلالات الحدث بشكل عام ومعنى الحضور اللبناني بشل خاص.

ففي الدلالات العامة لمعرض دمشق الدولي لا يمكن لعاقل الا ان يرى فيها استئنافا للحياة الطبيعية وتزخيما للدورة الاقتصادية السورية ربطا بالدورة الاقتصادية الدولية. وان حضور 43 دولة تشكل في حجمها الديمغرافي نصف

العالم او أكثر من النصف (فيها ​الصين​ و​الهند​ وسكانهما وحدهما 2.5 مليار) ان هذا الحضور يؤكد ثقة دولية بسورية الشامخة في مواقعها والمنتصرة على العدوان، ثقة بحكومتها وثقة بأمنها و ثقة بقدرات شعبها، وبالتالي وباختصار شديد فان افتتاح المعرض بعد توقف دام ل 5 سنوات، يعني ببساطة ان الحرب باتت في ايامها الأخيرة وان ما تبقى منها من معارك واجب تنفيذها ليس بالحجم الذي يمس الدورة الاقتصادية في اساسياتها. وعلى هذا يمكن اعتبار افتتاح المعرض عرسا لانتصار سورية، ومأتما لأحلام اعدائها.

اما على صعيد العلاقات بين لبنان وسورية، فان صورة الوزراء اللبنانيين الثلاثة في الافتتاح الرسمي للمعرض، فضلا عن المشاركة اللبنانية الواسعة ، وبدء الاستعداد في لبنان ليكون عضوا فاعلا في منظومة إعادة اعمار سورية، كل هذا يدل وبشكل قاطع -رغم انكار العملاء المرتهنين المكابرين – يدل على ان العلاقة بين البلدين في طريقها لاستعادة طبيعتها وهذا ما يعني ببساطة ان جهد 13 سنة بذله الأعداء لأبعاد البلدين عن بعضهما قد فشلت.

اما العنوان الثاني فيتصل بالمعركة التي يخوضها الجيشان اللبناني والعربي والسوري ومعهما المقاومة التي يقودها ​حزب الله​، معركة تنفذ كل في ميدلنه المتصل بالاخر حتى تبدو انها معركة واحدة مشتركة تؤكد على حقائق من المستحيل ان يطمسها مكابر خائن او عميل الجاهل.

ان عملية "​فجر الجرود​" التي أطلقها الجيش اللبناني، وعملية "وان عدتم عدنا " التي أطلقها الجيش العربي السوري والمقاومة انما هما عملية قتالية واحدة في ميدان واحد وضد عدو واحد ولهدف واحد، انها عملية تعود وتشهد وتؤكد ان علاقة الجيشين لا يمكن ان تنقطع وان الجيش العربي السوري الذي ساهم بشكل مؤكد في إعادة بناء الجيش اللبناني في العام 1990 هو الجيش الشقيق والصديق الذي يبقى عضدا للبنان ولا يمكن للبنان ان يتنكر لأمن سورية فامن البلدين وأحد، وما يجري في الجرود شاهد على الحقيقة.

ان هذا يؤكد اليوم بان سورية لم تسقط، ولن تسقط كما عمل الأعداء وحلموا وأنها في طريقة العودة الى الحياة الطبيعية والحرب العدوان عليها بدا يجمع ملفات الخيبة والفشل ليعلن محور المقاومة نصره ومتابعته الطريق الى بناء شرق أوسط لأهله مترابط الاركان وليس مقطع الاوصال كما شاء الأميركي وخطط زعم ولكن فشل لأنه واجه الرجال الرجل الذين ضحوا وانتصروا.