تزامنت زيارة الرئيس التركي ​رجب طيب أردوغان​ إلى طهران، مع زيارة للملك السعودي سلمان بن عبد العزيز إلى موسكو للاجتماع بالرئيس الروسي ​فلاديمير بوتين​. أسئلة مهمّة تطرح عن هذه اللقاءات، وخصوصاً لقاء سلمان وبوتين. فهل ستكون هذه اللقاءات هامشية أو أن لها دورٌ في رسم السياسات الجديدة للمنطقة، وأبرزها في سوريا والعراق؟.

في شكل الزيارة التركية إلى ايران، أكد أردوغان ونظيره الايراني ​حسن روحاني​، أن تركيز المباحثات كان على استفتاء ​كردستان​ والتقسيمات الجديدة في المنطقة، مع جوجلة في جديد الساحة السورية وتطوير العلاقات الثنائية. وفي المقلب الآخر، أي في اللقاء السعودي-الروسي، فإن الهدف الظاهر هو تعزيز الاتصال والعلاقات بين البلدين، حسبما أشار الملك سلمان وبوتين بعد اللقاء. الا ان وصف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لأهمية هذه الزيارة، واعتبارها "انعطافة حقيقية" في العلاقات بين البلدين، يشير إلى وجود أوراق مخفيّة ستبحث في اللقاء.

يستبعد الكاتب السياسي الإيراني عماد ابشيناس وجود علاقة في التوقيت بين الزيارتين "خصوصاً وأن توقيت الزيارة السعودية لروسيا كان مبرمجاً ومحدداً"، لافتاً إلى أن "زيارة أردوغان لإيران ضرورية في هذا الوضع القائم على حدود البلدين بعد استفتاء كردستان"، ومشيراً إلى أن "التنسيق بين البلدين سيشمل كيفية مواجهة المشاريع التقسيمية التي بدأ يرسمها الأميركي والاسرائيلي للمنطقة".

وإذ يرى أبشيناس أن "االعلاقة الاستراتيجية بين ايران وتركيا قد دخلت في مرحلة جديدة"، يلفت إلى أن "الابتعاد التركي عن المحور الاميركي واقترابه أكثر نحو روسيا وايران سببه لمس أردوغان للنوايا التقسيمية لدى واشنطن وتل أبيب، وهي تقترب من المحور الجديد لحماية نفسها".

في سياق آخر، يرى مراقبون لزيارة الملك سلمان إلى موسكو أن "روسيا هي المستفيد الأكبر منها، وخصوصاً في الشق الاقتصادي، إذ أن موسكو والرياض قد تبرمان خلال الزيارة الأولى للملك سلمان إلى الكرملين، صفقة أسلحة بقيمة تتجاوز 3 مليارات دولار"، لافتة إلى أن "الجانب الروسي يعمل منذ زمن على ادخال سوق أسلحته إلى الرياض خصوصاً وأن عقود التسليح بين البلدين لم تبرم في الماضي".

ويعتبر المراقبون أنه "بعيدا عن المصالح السياسية التي قد تجنيها موسكو من الزيارة، الا ان الشق الإقتصادي سيبقى هو الأهم، خصوصاً وان التعاون والاتفاقات التي ستبرم لن تقتصر على الأسلحة فحسب. فمن بين الاتفاقيات المتوقعة هي تأسيس صندوق بقيمة مليار دولار للاستثمار في مجال التكنولوجيا، والتعاون في مجال تحلية المياه وترشيد استخدام الطاقة في مكيفات الهواء، بالإضافة إلى استثمار سعودي في الطرق الخاضعة للرسوم في روسيا"، ويشيرون إلى أن "وزير الطاقة الروسي ​ألكسندر نوفاك​ بدا متفائلاً من هذه الزيارة، خصوصاً بعد اعلانه عن اتفاقيات ستتضمن صفقة بقيمة 1.1 مليار دولار تقوم شركة البتروكيماويات الروسية "سيبور" بموجبها ببناء مصنع لها في السعودية".

إلا أن أبشيناس يرى "صعوبة في ابتعاد الرياض عن المحور الأميركي لأن بقاء العائلة الحاكمة مرهون بأميركا، كما أن السعودية ليست في ظرف يسمح لها لعب التكتيك التركي والبحث عن محاور جديدة"، معتبراً أن "نجاح هذه الزيارة سيكون اقتصادياً أكثر مما هو في الشق السياسي".

في الخلاصة، بدأت الاصطفافات الاقليمية تأخذ بعداً جديداً بعد التغيرات التي شهدتها الأشهر الأخيرة. تركيا تتقرب من المحور الايراني-الروسي، وموسكو بدأت بترجمة انتصاراتها السياسية والعسكرية اقتصادياً، فإلى أين ستصل المنطقة في ظل هذه التغيرات المتسارعة؟.