دار نقاش ساخن في الصالونات السياسية حول احتجاز السعودية لرئيس الحكومة ​سعد الحريري​. بدت شخصيات "​8 آذار​" من أشد المدافعين عنه، بينما كان الصقور في "​14 آذار​" يصوّبون على "​حزب الله​" ويتبنون بالكامل الخطاب السعودي ولا يكترثون لقضية الاحتجاز، "وكأن الحريري استدعي الى الرياض ويمارس حياته في ظروف طبيعية".

ترى شخصيات "8 آذار" أن الصقور انفسهم يمارسون لعبة التهويل على اللبنانيين، بعد ثبات رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ والانسجام الكامل بينه وبين رئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​ وعائلة الحريري. تقول تلك الشخصيات أن الهدف السعودي فشل باستبدال "الشيخ سعد" بشقيقه بهاء، وجرى احباط المخطط الذي كان يقضي باشعال الشارع اللبناني من خلال اجبار الرياض للحريري على تقديم نص استقالة والتحريض على "حزب الله". بالنسبة الى الشخصيات نفسها: فشل المخطط نهائيا. وردا" على حديث صقور "14 آذار" عن أن حصارا ماليا–اقتصاديا على اللبنانيين سيشبه ما جرى مع قطر، تصف شخصيات في "8 آذار" ذلك بالتهويل، وتسأل: من يحصار لبنان؟ لا سياحة خليجية منذ سنوات، ولا مساعدات ماليّة سعوديّة. بينما تحتاج المملكة لليد اللبنانية العاملة لديها في مجالات اختصاصات علميّة وتجاريّة تعود بالنفع على السعوديين بالدرجة الأولى. وفي حال اقدمت الرياض على خطوة مشابهة، فتكون قد خسرت نهائيا حلفاءها التقليديين في لبنان سياسيا وشعبيا. علما أن لبنان بلد يستورد منتجات سعودية أكثر مما تستورد المملكة من اللبنانيين.

تضيف شخصيات "8 آذار": هل يعتبر صقور "14 آذار" العواصم الدولية موظفة عند السعوديّة؟ تشير هنا الشخصيات نفسها الى التحرك الفرنسي الذي انتج تحريرا مرتقبا للحريري بعد تواصل لبناني–فرنسي ناجح على خطي رئيسي الجمهورية في البلدين، والتحرك الذي قاده

وزير الخارجية ​جبران باسيل​ في العالم. وتسخر الشخصيات نفسها من حديث صقور "14 آذار" عن الصمت الروسي والتفرج الأميركي، لتؤكد أن تساهل الادارة الأميركية مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لا يعني الموافقة على احتجاز رئيس حكومة لبنانية، هناك دولة عميقة في الولايات المتحدة ومؤسسات كالكونغرس لن يكونوا في موقع الشاهد الصامت على تلك الخطوات، رغم اتخاذ السعودية "حزب الله" ذريعة للتضييق على لبنان. أما الروس فيكررون الحرص على استقرار الساحة اللبنانية لاعتبارات عدة، من بينها مصلحة ​موسكو​ بعدم ضرب موازين القوى اللبنانية التي تطال شظاياها المنطقة-حيث النفوذ والمصالح الروسية في ​سوريا​ تحديدا في زمن مشاريع التسويات والتفاهمات. كما تشير الشخصيات نفسها الى رغبة دولية عموما، واوروبية خصوصا بالحفاظ على الاستقرار اللبناني سياسيا وماليا واقتصاديا واجتماعيا، لعدم خلط الاوراق ب​ملف النازحين السوريين​ الذين سيجدون الفرصة ملائمة في حال الفوضى اللبنانية الى الابحار نحو الدول الاوروبية.

واذا كانت الشخصيات نفسها تستمهل التوجه نحو مجلس الأمن لاعتبارات عدة، وخصوصا بانتظار الخطوة الفرنسية، فانها تؤكد أن الخطاب الذي اعتمده عون أظهر قوة الرئاسة اللبنانية التي تتواصل مع كل عواصم العالم من دون استثناء، وهي تشكل ضمانة قادرة على الحديث مع الاوروبيين والاميركيين والايرانيين و​دول الخليج​. واذا كان التصعيد اللبناني ضد السعودية حصل في الساعات الماضية، فانه ينتهي بعودة الحريري الى بلده، لأن التصرف اللبناني انطلق من منصّة الكرامة الوطنيّة غير القابلة للتنازل في موضوع احتجاز رئيس حكومة لبنان.

تستمهل شخصيات "8 آذار" البتّ بالمسار السياسي الى حين عودة الحريري الى بيروت. وتسأل: هل أبقت السعودية قوى 14 آذار؟ لقد مزّقتها، تجزم تلك الشخصيات بذلك، مستندة الى التحريض الذي مارسته قوى في "14 آذار" ضد الحريري.