أكّد الكاتب والمحلل السياسي المحامي ​جوزيف أبو فاضل​ أنّ إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب للقدس عاصمة لإسرائيل أتى نتيجة عوامل عديدة أهمّها أنّ الدول المعنيّة بالموضوع الفلسطيني كانت ولا تزال تتعامل مع أميركا على أنّها المسؤولة عنها، ولفت إلى أنّه يضمّ صوته إلى صوت جميع من شجبوا واستنكروا القرار الأميركي.

وفي حديث إلى تلفزيون "LBCI" ضمن برنامج "نهاركم سعيد" أدارته الإعلامية ديما صادق، أعرب أبو فاضل عن اعتقاده بأنّ عملية الردّ على الخطوة الأميركية ستقتصر على الخطابات النارية والكلام اللفظي وليس أكثر من ذلك، مشيراً إلى أنّه لو كان هناك جدية في الرد على الموقف الأميركي لقامت الدول العربية والإسلامية باستدعاء سفراء أميركا وقطع العلاقات مع أميركا، إلا أنّ شيئاً من ذلك لم يحصل، ما يعني أنّ الأمر لا يعدو كونه كلاماً بكلام.

وإذ رأى أبو فاضل أنّ الخطابات الرنانة مهمّة وتدغدغ مشاعر الناس، أشار إلى أنّ أيّ مسيرات واعتصامات يمكن أن تحدث لم تعد تفيد، بعدما باع العرب فلسطين، وقال: "أصبحنا اليوم أمام مشهد جديد، حيث تتحكّم أميركا بكلّ المنطقة، ومن خلفها تأتي كلّ الدول الأخرى، فأميركا هي التي تملك وتحكم العالم".

يوم حزين

ورأى أبو فاضل أنّ يوم إعلان الرئيس الأميركي للقدس عاصمة لإسرائيل كان يوماً حزيناً، مشيراً إلى أنّ أميركا أثبتت أنّها تحكم العالم، في حين أنّ أوروبا هي قارة عجوز، وهذا ما ظهر بشكل واضح، ولفت إلى أنّ ما حصل يشكّل طعنة للدول العربية وتحديداً دول الخليج المتماهية مع أميركا، مشدّداً على أنّ قادة هذه الدول عليهم أن يتحرّكوا، واصفاً الكلام الذي صدر عنها بأنّه غير كافٍ، خصوصًا أنّ التنديد لا يفيد.

ورداً على سؤال، اعتبر أبو فاضل أنّ الدولة العميقة في الولايات المتحدة الأميركية ليست مع الرئيس دونالد ترامب، مشيراً إلى أنّه يفتعل المشاكل في الخارج لذلك، ولفت إلى أنّه يرى أنّ وضعه جيّد على الإطلاق، إلا أنّه استبعد أن يقوم القادة العرب بالردّ عليه، مذكّراً بما قالته غولدا مائير لجهة أنّ الأمّة العربيّة نائمة، موضحاً أنّ ضرب العراق وسوريا ومصر يشكّل أكبر خدمة لإسرائيل.

ولفت أبو فاضل إلى أنّ ما حصل يشكّل ضربة كبيرة للمنطقة بأسرها، مشيراً إلى أنّ له انعكاساته على لبنان أيضاً نظراً لموقعه الجغرافي القريب، ورأى رداً على سؤال أنّ زيارة الأراضي المقدّسة في القدس كما دعا إليها البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي سابقاً هو تطبيع، باعتبار أنّ القوانين اللبنانية تمنع ذلك، وقانون العقوبات واضح وكذلك قانون مقاطعة إسرائيل.

دول عربية توافق؟

ورداً على سؤال، أعرب أبو فاضل عن اعتقاده بأنّ الدول الأوروبية لا تستطيع الخروج من العباءة الأميركية أو التمرّد عليها، مشيراً إلى أنّ الدول الأوروبية التي أعلنت رفضها للقرار الأميركي نفسها يمكن أن تعدل في رأيها وتحذو حذو الولايات المتحدة الأميركية، ومن بينها بريطانيا على سبيل المثال.

ولم يستبعد أبو فاضل أن تذهب دول عربية حتى إلى الموافقة على القرار الأميركيّ، متسائلاً عن الأسباب التي تمنع مصر والأردن من سحب السفراء، ولفت إلى أنّ من يتنازل عن أولى القبلتين يمكن أن يفعل أيّ شيء، مستغربًا أن يكتفي الأزهر الشريف مثلاً باستنكار ما حدث، مشدّداً على أنّ الصراخ والعويل لم يعد يفيد، خصوصًا أنّ القافلة تسير ولا أحد ينبح.

واعتبر أبو فاضل أننا أمام مجموعة عملاء حكموا الدول العربية والإسلامية وباتوا اليوم يريدون تنظيف العالم كما يدّعون، مستهجناً في هذا السياق المواقف الصادرة عن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وشدّد على أنّ لبنان دفع كل شيء من أجل القضية الفلسطينية، في حين أنّ دولاً عربية أخرى دفعت كلّ شيء لتنهي القضية الفلسطينية، وهذا ما نشهده اليوم بأمّ العين.

النار تحت الرماد

وبالانتقال إلى الملفّات الداخليّة، لفت أبو فاضل إلى أنّ النار تحت الرماد خليجيًا بين المملكة العربية السعودية من جهة والرئيسين ميشال عون وسعد الحريري من جهة ثانية، مشيراً إلى أنّ الرئيس الحريري أرغم على تقديم استقالته في الرياض، عندما اقتيد من منزله إلى الديوان الملكي، وشدّد على أنّ الرئيس الحريري لا يستطيع فتح النار على نفسه، وهو عندما يحرّك النار تتحرّك الجمرات، وهذا ما لا يستطيع تحمّله، علمًا أنّه قال أنّ ما حصل معه في السعودية سيبقى في السعودية، ولهذا الكلام معانيه.

وذكّر أبو فاضل بأنّ الرئيس الحريري عندما أتى رئيسًا للحكومة أتى باتفاق مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، إلا أنّ هذا الاتفاق لم يحصل في ظلّ إدارة الأمير محمد بن سلمان، وأشار إلى أنّ الحريري على مرّ العام الماضي لم يكن أداؤه نافراً، بل انفتح على الجميع وبات لديه صداقات واسعة، ولفت إلى أنّ الأمير محمد بن سلمان لا يزال يعتبر حتى اليوم أنّ الرئيس الحريري لا يمثله، وهو يريد استبداله بشقيقه أو غير شقيقه.

ورأى أبو فاضل أنّ الرئيس الحريري يسعى اليوم للحصول على غطاء دولي من البوابة الباريسية، مرجّحًا في الوقت نفسه أن تستمرّ سياسته على حالها، وهو لم يعد يملك في السعودية سوى منزله.

السعودية لا تريد الرئيس الحريري

ورداً على سؤال، أكد أبو فاضل أنّ الرئيس الحريري عندما ذهب إلى المملكة العربية السعودية وتلا خطاب الاستقالة، انخضّ شارعه بشكل واضح، حيث شعر بأنّ هناك خللاً ما حصل، لافتاً إلى أنّ كلّ التسريبات التي أتت من السعودية أوحت بأنّ الرئيس الحريري كان يخضع للإقامة الجبرية، خصوصًا مع تزامن استقالته المفاجئة مع الانقلاب الذي كان يحصل في المملكة، من خلال توقيف مجموعة الأمراء.

وأعرب أبو فاضل عن اعتقاده بأنّ السعودية كانت على علم بأنّ الرئيس الحريري سيعود عن استقالته منذ ما قبل عودته، متحدّثاً عن ضمانة فرنسية على هذا الصعيد، وأشار إلى أنّ الرئيس ماكرون كان يريد ذلك، وهو استقبل الرئيس الحريري كرئيس حكومة وليس رئيس حكومة مستقيل.

وشدّد أبو فاضل، رداً على سؤال آخر، على أنّ السعودية لا تريد الرئيس الحريري اليوم، مشيراً إلى أنّ القائم بالأعمال السعودي وليد البخاري قال لمفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان أنّ السعودية تريد استبدال الحريري بشقيقه بهاء الحريري قبل أن يأتي الردّ على ذلك من جانب وزير الداخلية نهاد المشنوق.

باسيل مرشح الحريري لرئاسة الجمهورية

وفيما رأى أبو فاضل أنّ الرئيس سعد الحريري هو مرشح العهد الدائم لرئاسة الحكومة، كشف أنّ الوزير جبران باسيل سيكون هو مرشح الرئيس الحريري في المرحلة المقبلة لموقع رئاسة الجمهورية، لافتاً إلى أنّ الأيام الآتية وستظهر جدية هذا الكلام.

وأشار أبو فاضل إلى أنّه، وبعدما تدهورت العلاقة اليوم بين الرئيس سعد الحريري والدكتور سمير جعجع، تراجعت أسهم الأخير بشكل كبير، ولفت إلى أنّ الاتفاق الذي حصل والعمل المضني الذي قام به الوزير جبران باسيل مع الرئيس ميشال عون كلّها دلالات تدلّ على أنّ هناك اتفاقاً جديداً لا تفصم عراه بين الوزير جبران باسيل والرئيس سعد الحريري.

وفيما أكّد أبو فاضل أنّ الوزير سليمان فرنجية موجود بقوة على الأرض، لفت إلى أنّه سيواجه منافساً جديداً ليس الدكتور سمير جعجع، بل الوزير جبران باسيل الذي سيكون مرشحاً جدياً لرئاسة الجمهورية بعد انتهاء ولاية العماد ميشال عون.

طرابلس نقطة ضعف الحريري

وأكد أبو فاضل، رداً على سؤال، أنّ الرئيس الحريري لديه مشكلة في منطقة الشمال وخصوصاً في طرابلس، حيث هناك طامحون كثر من بينهم الرئيس نجيب ميقاتي واللواء أشرف ريفي والوزير فيصل كرامي وغيرهم، إلا أنّه أشار إلى أنّ لا مشاكل لدى الحريري في مناطق أخرى، معرباً عن اعتقاده بأنّ طرابلس وحدها هي نقطة ضعفه اليوم.

ورداً على سؤال، جزم أبو فاضل أنّ وضع الرئيس الحريري جيد جداً اليوم في بيروت، رافضاً المقارنة بين الانتخابات النيابية والانتخابات البلدية الماضية، وأشار من جهة ثانية إلى أنّ الرئيس الحريري عومل في السعودية كأنّه موظّف عاديّ، وليس رئيس حكومة، ما أدّى إلى تعاطف شعبي معه في الشارع.

وشدّد أبو فاضل على أنّ الرئيس الحريري قوي وليس ضعيفاً، لافتاً إلى أنّ لا وجود للائحة يمكن أن تكسر الحريري في بيروت كما في الشمال، مؤكداً أنّ اللواء أشرف ريفي لا حيثية له في بيروت كحيثيته في الشمال، على سبيل المثال.

السعودية تنتظر الحريري على المفرق

وأشار أبو فاضل رداً على سؤال إلى أنّ السعودية تنتظر الرئيس الحريري على المفرق وهو يعرف هذا الأمر، لافتاً إلى أنّ الأموال ستكون مؤمّنة له في الانتخابات بطريقة أو بأخرى، مشدّداً على أنّه لن يتوانى عن التحالف ولو بشكل غير مباشر مع حزب الله انتخابياً إذا وجد أنّ مصلحته تقتضي ذلك.

وذكّر أبو فاضل بأنّه كان هناك اتفاق في العام 2009 على تعويم الرئيس الحريري من خلال الانتخابات، وهذا ما يحصل اليوم أيضاً، مشيراً إلى أنّ قوة التحالف الخماسي، إذا حصل، تكمن في قدرته على الحصول على الحاصل الانتخابي، وعدم حصول أيّ لائحة مضادة أخرى على هذا الحاصل، ما يمنعها من الخرق، أو على الأقلّ يحدّ من إمكانية الخرق من جانب أيّ لائحة.

المطلوب التهدئة

ورداً على سؤال، رأى أبو فاضل أنّ الولايات المتحدة الأميركية تشكّل مظلّة للرئيس سعد الحريري، وكذلك للبنان واستقرار لبنان وهدوء لبنان، ولفت إلى أنّ ما يُحكى بخلاف ذلك لا يعدو كونه كلاماً بكلام، مشيراً إلى أنّهم لو أرادوا فرض عقوبات على لبنان وعلى حزب الله لفعلوا ذلك.

وفيما لاحظ أبو فاضل أنّ الأميركيين يفتعلون المشاكل اليوم في المنطقة بموجب سياسة جديدة يعتمدونها، شدّد على وجوب عدم الاتكال على الأميركيين، الذين لم يضعوا يومًا يدهم بيد نظام إلا وطيّروه في لحظةٍ معيّنة، من نظام زين العابدين بن علي أو زين الهاربين بن علي، على حدّ وصف أبو فاضل، وصولاً إلى الرئيس حسني مبارك والرئيس محمد مرسي والرئيس الليبي الراحل معمر القذافي وغيرهم.

وشدّد أبو فاضل على أنّ المطلوب التهدئة أميركياً وأوروباً، معتبراً أنّ أحداً لا يريد حرباً في المنطقة، خصوصاً أنّ الإسرائيليين يتفرّجون على الدول العربية تشتعل من تلقاء نفسها، وبالتالي فهم لا يجدون ضرورة لشنّ الحروب.

ورأى أبو فاضل أنّ الأسباب الموجبة لانسحاب حزب الله من سوريا يعرفها حزب الله نفسه، مشيراً إلى أنّ المقاومة التي قاتلت التكفيريين واقتلعتهم في القلمون مع الجيش اللبناني قدّمت الكثير من التضحيات في سبيل لبنان، وأكد رداً على سؤال أنّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لن يطلب من حزب الله أن ينسحب من سوريا.

وأقرّ أبو فاضل بأنّ الرئيس الحريري أصبح اليوم مطلباً لقادة قوى الثامن من آذار من الرئيس عون والوزير باسيل إلى حزب الله والرئيس نبيه بري والوزير سليمان فرنجية، وشدّد على أنّ الحريري لا يقف ضدّ السعودية بل هي التي لا تريده، وهي تبحث عن غيره، وعندما يتوفر لها البديل فهي لن تقصّر، والرئيس الحريري يدرك ذلك.

هل يستقيل وزراء القوات؟

وشدّد أبو فاضل على أنّ البيان الوزاري لم يعدّل، ولو تمّ تعديله لوجب الذهاب إلى مجلس النواب لأخذ الثقة من جديد، وجزم أنّ سلاح حزب الله ليس مطروحًا على طاولة البحث، مذكّراً بما قاله رئيس الجمهورية ميشال عون عن الحاجة للمقاومة في مواجهة إسرائيل.

ورداً على سؤال، لفت أبو فاضل إلى أنّ مختلف الأفرقاء ارتأوا عدم مهاجمة القوات اللبنانية لعدم تعويمها أكثر، إلا أنّه توقع أن يستقيل وزراء القوات من الحكومة قبل الانتخابات إذا لم يحصل اتفاق مع سائر مكوّنات الحكومة ولم يحصل اللقاء بين الرئيس الحريري والدكتور جعجع، وذلك ليلعبوا دور الضحية ليحققوا تسونامي شبيه بتسونامي الرئيس عون في العام 2005.

وشدّد أبو فاضل على ضرورة الذهاب لتحقيق المصالحة من جانب حزب الله بشكل سريع بين الوزير جبران باسيل والنائب سليمان فرنجية، وذلك لقطع الطريق على الدكتور سمير جعجع كرئيس وكناخب أساسي لديه أربعة نواب من أصل عشرة في دائرة البترون والكورة وزغرتا وبشري.