قلبُ المملكة العربية السعودية على لبنان، وقلبُ بعض المسؤولين اللبنانيين على حجر، هذا جزءٌ من انطباع خرج به وفدٌ لبناني اقتصادي زار المملكة لمدة ثلاث ساعات للقاء مع الأمير مقرن بن عبد العزيز الذي استضافهم على الغداء، وتضمَّن حواراً صادقاً من القلب.

***

أحد أعضاء الوفد، نقيب اصحاب الفنادق بيار الاشقر، الذي تربطه صداقة مع الأمير مقرن وهو الذي أمّن اللقاء معه، نقل كلاماً طيِّباً صادقاً، قال الامير مقرن بأسلوبٍ يعتصره الالم على وضع لبنان: ما بالكم أيها اللبنانيون، وماذا دهاكم؟ لديكُم بلد من اجمل وأروع بلدان العالم، وكل عربي يعتبره بلده الثاني، فلماذا وصلتم به الى هذا الدَرْك؟ ويتابع، بحسب ما نقله النقيب بيار الاشقر، إن خسارة لبنان، لا سمح الله، ليست فقط خسارة لكل لبناني بل هي لكل عربي.

***

إستمع الوفد اللبناني بأسى وأسف، هو يُدرِك أن ما باليد حيلة وان السلطة التنفيذية في لبنان لا تُقيم وزناً لكل الاصوات التي تُنبِّه وتُحذِّر، فالنقيب بيار الاشقر، على سبيل المثال لا الحصر، يُطلِق الصرخة تلو الصرخة، ليس من اليوم فحسب بل منذ اكثر من سنة مُحذِّراً من إدخال لبنان في سياسة المحاور لِما لهذه السياسة الخاطئة من زج له في أتون صراعات المنطقة. لقد صدق حدسه القائم على قراءة المعطيات وليس على مجرَّد التخمينات، فها هو القطاع السياحي، وفي مقدَّمه القطاع الفندقي يترنَّح، وكل ذلك بسبب السياسات الارتجالية التي تنتهجها السلطة التنفيذية، من كلام المؤامرة على لبنان، الى الاستعانة ببدع الخمسين خمسين والحسومات وما شاكل، لأنها كلها مشروطة بالاستقرار، وما لم يتحقق هذا الاستقرار، فإنّ البلد متجه إلى الهاوية من دون اي بطء.

***

زيارة الوفد اللبناني لم تقتصر على لقاء الأمير مقرن بن عبد العزيز، بل تضمَّنت ايضاً لقاء في منزل الرئيس سعد الحريري الذي يعيش قسراً في الخارج، على فنجان قهوة، تطرَّق الحديث إلى استحقاق الانتخابات النيابية: افاض أعضاء الوفد في إظهار المخاوف فطمأنهم الحريري إلى أن الانتخابات ستجري في موعدها على رغم الظروف والتهويل الذي يُطلَق من هنا وهناك.

سأل الوفدُ عن عودة الرئيس سعد الحريري في هذا الظرف فجاءه الجواب في غاية الوضوح والجرأة والصراحة:

لم أخرج من لبنان طوعاً، والظروف التي أدت إلى إخراجي مازالت قائمة لا بل تضاعفت. فأيُّ عودة في ظل هذا الجو سيعتبرها البعض تحدياً وقد تؤدي إلى تفجُّر الاوضاع مجدداً.

***

عاد الوفد من المملكة السعودية بمزيدٍ من الحذر وعدم الطمأنينة، لا يقول كلّ شيء لأن المجالس بالامانات، من جهة، ومن جهة اخرى في هذه الظروف التي يمرّ بها لبنان قلّة الكلام هي من أفضل المزايا.