لأن بيروت لم تنتج توافقا على قانون انتخابي يضمن إجراء الإنتخابات النيابية في موعدها، بسبب الخلاف المستمر بين مختلف الكتل النيابية التي يُصر منها، على المشروع الذي يراه مناسباً في هذه المرحلة الحساسة، إنتقل النقاش إلى روما، حيث كان يشارك كل من رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحكومة ​نجيب ميقاتي​ والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي والعديد من الشخصيات الأخرى في حفل تنصيب البابا فرانسيس الأول.

في المبدأ، راهن هؤلاء القادة على "الإنفراج" الذي حصل في إنتخاب البابا بسرعة كبيرة، وتوقعوا أن تكون أجواء الفاتيكان مناسبة لكي يصعد "الدخان الأبيض" المبشّر في ولادة قانون إنتخابي، يؤمن إجراء الإنتخابات النيابية في موعدها المحدد في التاسع من حزيران المقبل، بما يؤكد إلتزام السلطات اللبنانية لإحترام المواعيد الدستورية، ويطلق عجلة التوافق السياسي الذي بات حاجة ملحة، إنطلاقاً من قانون الإنتخاب.

وعقد في هذا الإطار إجتماعين جمعا كلا من بري وميقاتي والراعي، وإنضم إليهم وزير البيئة ناظم الخوري ممثلاً رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان في المدرسة المارونية في روما، وكان قانون الإنتخاب بنداً أساسياً على طاولة البحث. وتشير مصادر مطلعة الى أن "ما تم التداول به في الإجتماعين لا يرقى الى اتفاق إذ لا خطّة طرحت في الإجتماع الثاني بل مجموعة من الأفكار صيغت في ورقتين إثنتين".

وشددت المصادر المتابعة، في حديث لـ"النشرة"، على أن "هذه الأفكار تمحورت حول أولوية إجراء الإنتخابات النيابية في موعدها"، مشيرة إلى أن "الثابت في هذه الأفكار هو صيغة مختلطة تقوم على أساس الجمع بين النظامين النسبي والأكثري، على أن يتم إنتخاب مجلس شيوخ على أساس النظام المقترح في مشروع قانون اللقاء الأرثوذكسي"، مؤكدة "الإلتزام بالمناصفة في هذه الأفكار".

ولفتت المصادر نفسها إلى أن "ما تم اقتراحه من أفكار، ينص على تشكيل حكومة جديدة تكون مهمتها الإشراف على الإنتخابات"، موضحة أن "جميع هذه الأفكار التي تم التداول بها عُهِدَ بها الى البطريرك الراعي لعرضها على الأقطاب المسيحيين لتأمين الوفاق المسيحي حولها بالدرجة الأولى".

وفي ما يتعلق بالعديد من الأسئلة التي طرحت في هذين الإجتماعين، شددت المصادر على أن "كل ما طرح هو مجرّد أفكار، أي لم يتم التوافق على صيغة متكاملة أو مشروع قانون إنتخابي كامل"، موضحة أن "هذه الأفكار قابلة للنقاش مع جميع الأفرقاء المعنيين"، معتبرة أنه "من الممكن أن تنجح في فتح ثغرة في الحائط المسدود حول مصير الإنتخابات النيابية".

في المحصلة، إجتماعي روما لم يتوصلا إلى التوافق على قانون إنتخابي تُجرى على أساسه الإنتخابات النيابية المقبلة، وما تم الإتفاق عليه لا يعدو مجموعة من الأفكار سيتولى البطريرك الراعي نقلها إلى الأقطاب المسحيين. فهل تنعكس الأجواء التي سادت في روما على الأجواء البيروتية؟، وهل يصعد الدخان من "مدخنة" المجلس النيابي في وقت قريب؟، أم أن الخلافات ستبقى مستمرة، لتطيحها معها في هذا الإستحقاق الذي يرى الكثيرون أنه سيشكّل منحًى جديدًا في الحياة السياسية اللبنانية، لا سيما أن المجلس النيابي المقبل سيتولى إنتخاب الرئيس المقبل للجمهورية.