احتفلت الطوائف المسيحية الفلسطينية التي تسير حسب التقويم الشرقي في كنيسة المهد ببيت لحم وكنيسة القيامة في مدينة القدس المحتلة ومختلف المدن والمحافظات الفلسطينية بعيد الفصح المجيد. في ظل إجراءات إسرائيلية مشددة تفرضها قوات الاحتلال على المسيحيين في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، وتنغص فرحتهم بالاحتفال بالعيد وأداء شعائرهم الدينية بكل حرية. فضلاً عن محاصرة الاحتلال لكنيسة القيامة هذه المرة ونشر الآلاف من جنوده حولها واعتداءاته على العديد من المسيحيين هناك، في وقت مارست فيه إسرائيل سياسة المنع بحق مسيحيي غزة من الذهاب إلى الضفة الغربية والقدس كما كل عام، وفرضت مزيدا من الاجراءات القمعية والسياسات الإسرائيلية المجحفة بحقهم.

وشهدت مختلف المدن والمحافظات احتفالات وأداء صلوات في الكنائس بالضفة الغربية والقدس وقطاع غزة. في وقت يأمل فيه المسيحيون بزوال الاحتلال الإسرائيلي، كي يعيشوا بحرية وسلام.

ويعتبر هذا العيد أكبر الأعياد المسيحية، يستذكر فيه المسيحيون قيامة المسيح من بين الأموات بعد ثلاثة أيام من صلبه وموته، وفيه ينتهي الصوم الكبير، كما ينتهي أسبوع الآلام، ويبدأ زمن القيامة.

فرحة رغم الحصار

في المقابل عبرت الطالبة ماري جحشان عن فرحتها بالاحتفال بعيد الفصح وأسبوع الآلام، على الرغم من الحصار المفروض على قطاع غزة والذي دخل عامه السابع، واستمرار سياسة إسرائيل في تضييق الخناق على المسيحيين في غزة من خلال منعهم من السفر إلى كنيسة القيامة والمهد، ومدن الضفة الغربية المحتلة، لأداء شعائرهم الدينية والاحتفال بالأعياد.

وبينت جحشان في حديثها مع "النشرة" أن الاحتلال الإسرائيلي لا يزال يمنعها من الذهاب إلى كنيسة القيامة في القدس المحتلة والضفة الغربية بشكل عام، منذ أربعة سنوات على الرغم أنها قدمت طلبات كثيرة للاحتلال من أجل السماح لها، إلا أنها كانت تقابل بالرفض.

وأضافت: "4 سنوات وأنا ممنوعة من الذهاب للضفة والقدس لأحتفل هناك، أتمنى أن أذهب للقدس وأعيش فرحة العيد الحقيقية في كنيسة القيامة، وأتمكن من زيارة شقيقتي هناك التي حرمني الاحتلال من رؤيتها حتى الآن".

وأكدت جحشان أنها لم تعش فرحة العيد الحقيقية بكافة تفاصيلها، بسبب القيود التي تفرضها إسرائيل عليهم في قطاع غزة، متمنية أن تكون الأعوام القادمة أعوام سلام وحرية وطمأنينة، ويمارسون شعائرهم الدينية بكل حرية.

إجراءات قمعية

من جانبه قال الشاب إلياس فشحو من غزة، إن فرحة عيد الفصح منقوصة لأننا لم نستطع الذهاب إلى كنيسة القيامة في مدينة القدس، وكنيسة المهد في بيت لحم، لنحتفل هناك في مهد المسيح، لكننا نفرح باجتماعنا مع بعضنا في غزة.

وقال فشحو في حديثه مع "النشرة": "هذه أجواء فرح يجب أن نحافظ عليها قدر الإمكان رغم ممارسات الاحتلال الإسرائيلي بحقنا، ومنعنا من الذهاب إلى مدينة القدس".

وبين الشاب فشحو أن المرة الأخيرة الذي تمكن فيها من الذهاب إلى كنيسة القيامة في القدس المحتلة كانت عام 2000، والآن يمنعه الاحتلال الإسرائيلي من الذهاب إليها، أو حتى تقديم طلب بالحصول على تصريح لاجتياز معبر بيت حانون "إيرز" الذي يعتبر المعبر الاسرائيلي الوحيد للذهاب من خلاله إلى الضفة الغربية المحتلة والقدس.

وأوضح فشحو أن عيد الفصح يمثل قيامة يسوع المسيح من بين الأموات وانتقاله لحياة جديدة، متمنياً أن يفتح هذا العيد باب أمل بالحرية والسلام للفلسطينيين، وحياة جديدة بدون احتلال.

وتسمح إسرائيل بمغادرة المسيحيين الفلسطينيين الذين يقطنون قطاع غزة، لمن هم أقل من 16 وحتى 35 عامًا من الذهاب إلى مدن الضفة الغربية المحتلة ومدينة القدس.

واقع مرير

وفي نفس السياق اعتبرت مواطنة مسيحية أخرى، أن فرحة العيد كانت منقوصة لأن الاحتلال الإسرائيلي سمح لأهلها بالذهاب إلى الضفة الغربية المحتلة والقدس، دون أن يسمح لها لأن عمرها لا تسمح لها بالذهاب إلى هناك.

وقالت في حديثها مع "النشرة" أن أجواء العيد الكبيرة لم تكن موجودة في غزة، خصوصاً وأنّ أهلها غير موجودين بينهم، مشيرة إلى أنها شعرت بفرحة العيد عندما ذهبت إلى الكنيسة وأقامت الصلوات هناك.

وأضافت: "نحن نعيش في واقع مرير، والاحتلال دائماً يمنعنا من الذهاب إلى الضفة الغربية المحتلة والقدس، وشقيقتي هناك ولم أراها منذ 7 سنوات".

وبينت أن فرحة العيد تكتمل عندما يجتمع مسيحيو غزة مع الضفة المحتلة والقدس والشتات، في كنيسة القيامة ليعيشوا أجواء العيد بتفاصيله الكاملة، ويروا كيف يفيض النور من الكنيسة، ويمارسوا عباداتهم بكل فرحة وحرية.

وتابعت: "خلال السنوات الماضية الخمس، قدمت مرات عديدة طلبا للاحتلال الاسرائيلي لأجل السماح لي بالذهاب إلى الضفة الغربية والقدس، إلا أن جميعها قوبلت بالرفض مراراً وتكراراً".

آمال معلقة

من جهته قال الناطق الرسمي باسم بطريركية الروم الأرثوذكس في الأراضي الفلسطينية الأب عيسى مصلح، إن أجواء الأعياد والاحتفالات المسيحية تمت على ما يرام، بخلاف الممارسات التي عانى منها الالاف من المسيحيين خصوصاً في كنيسة القيامة في مدينة القدس المحتلة.

وأوضح عيسى في حديثه مع "النشرة" إن الحرية المطلقة ليست ملك لنا في الأراضي الفلسطينية بفعل وجود الاحتلال الاسرائيلي، والظروف التي ألمت بكافة الفلسطينيين بسبب الجدار الفاصل، والحواجز المنتشرة في مختلف المدن الفلسطينية التي يعاني منها المسيحي والمسلم، متمنياً أن يزول الاحتلال حتى يعيش الشعب الفلسطيني بكافة أطيافه بحرية في أداء الشعائر والطقوس الدينية.

وقال مصلح: "مهما ألمت بنا الظروف الصعبة التي يفرضها الاحتلال الاسرائيلي، فإن هناك أمل لا يزال موجودا، في استمرار مسيرتنا الأخلاقية والوطنية تجاه شعبنا وقضيتنا، كي نحقق الهدف الذي نصبوا إليه بإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.