عندما أعلن البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أنّ الرئيس المقبل يجب أن "يكون قوياً بأخلاقه وتجرّده وتاريخه وإيمانه بالدولة اللبنانية وعلاقاته الإقليمية والعربية والدولية، ليتمكن من استعادة دور المؤسسات وادارة البلاد في هذا الوقت العصيب"، عمّمت أوساط قوى الثامن من آذار أن سيد بكركي كان يريد من ذلك وضع "فيتو" على ترشح رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، نظراً إلى التهم الكثيرة التي يوجهها فريقها السياسي إليه، لكن "غبطته" سارع لتوجيه "صفعة" لها عبر "إستبعاده انتخاب رئيس محسوب على 14 أو 8 آذار، لأن على الرئيس أن يكون توافقياً مقبولاً من الشعب ليتمكن من جمع كل الأفرقاء المتناحرين أصلاً في لبنان لا أن يثير أزمة جديدة".

وبالتالي يكون "الفيتو"، بحسب ما ترى مصادر مطلعة، قد شمل أبرز أربعة مرشحين على الساحة: رئيس تكتل "التغير والإصلاح" العماد ميشال عون، رئيس حزب "الكتائب" أمين الجميل، رئيس تيار "المردة" النائب سليمان فرنجية، بالإضافة إلى جعجع، وغيرهم من المرشحين المحسوبين على الفريقين المتناحرين، والسبب في ذلك يعود إلى عدم إمكانية وصول أيّ منهم إلى الكرسي الرئاسي، من حيث المبدأ، نظراً إلى التوازنات القائمة في المجلس النيابي.

وفي هذا السياق، تؤكد المصادر نفسها، في حديث لـ"النشرة"، أن هذا الموقف يعبّر عن رأي الراعي الشخصي، وتنفي وجود أي إشارات دولية تتعلق بهذا الموضوع، خصوصاً في ظل المعلومات عن وجود تقارب بين بعض الجهات الإقليمية والدولية قد تؤدي إلى التوافق على مرشح ما.

وتشير هذه المصادر إلى أن "الفيتو"، يعني أن المرشحين المتبقين في السباق من المفترض أنهم باتوا محصورين بأسماء معروفة، هي أسماء الوزراء السابقين جان عبيد وزياد بارود ودميانوس قطار وروجيه ديب، لكنها تلفت إلى وجود أسماء أخرى مخفية قد ترتفع أسهمها في اللحظات الأخيرة، وتوضح أن إمكانية إنتخاب قائد الجيش العماد جان قهوجي أو حاكم مصرف لبنان رياض سلامة تبقى قائمة بالرغم من صعوبتها بسبب ضرورة حصول تعديل دستوري، إلا أنها تلفت إلى أن قائد الجيش السابق العماد ميشال سليمان تمكن من الوصول إلى الكرسي الرئاسي من دون تعديل دستوري، حيث أكد رئيس المجلس النيابي نبيه بري حينها "أنه الأسلوب الأمثل من الناحية الدستورية في هذه الظروف الاستثنائية وهناك اجتهادات وفتاوى لكبار المختصين والحقوقيين لا ترى ضرورة لتعديل الدستور".

وفي تعليق على هذا الموقف، يقول مصدر مسؤول في حزب "القوات اللبنانية"، في حديث لـ"النشرة": "نوافق البطريرك الراعي تماماً على ضرورة أن يكون الرئيس توافقياً"، لكنه يشير إلى أن "مفهوم الرئيس التوافقي من وجهة نظرنا يعني الرئيس الواضح والجريء والقائد، وليس الصورة التي تخادع الرأي العام وتحاول الوصول بطريقة ملتبسة ولا تملك مشروعاً".

ويتابع: "نضيف على هذا الكلام المفهوم الحقيقي للرئيس التوافقي، الذي نتفق فيه مع سيدنا، وهو المفهوم الإنجيلي الذي يدعو إلى أن لا نكون فاترين، وبالتالي الرئيس التوافقي هو الذي يقول لا لا ونعم نعم".

من جانبها، تفضل مصادر تكتل "التغيير والإصلاح" عدم التعليق سريعاً على موقف البطريرك الراعي، على الرغم من تأكيدها أن هذا الموقف كان مفاجئاً، وتشير إلى أن "التكتل يفضل الإنتظار أكثر من أجل التعليق، على الأقل حتى عودة سيدنا من الخارج".

وعلى الرغم من تشديد المصادر نفسها، على أنها تضع موقفها في إطار "التحفظ"، تلفت إلى أن كلام البطريرك الراعي ينسف مواقفه السابقة التي عبّر عنها في أكثر من مناسبة.

في المحصلة، تفضل معظم القوى المعنية بموقف البطريرك الماروني الأخير عدم التعليق بشكل حاسم عليه في هذه المرحلة، وهي تنتظر عودته من أجل معرفة الخلفيات التي ينطلق منها، وهو بحسب ما تؤكد بعض المصادر، قد يعلق على هذا الموضوع في تصريح له من مطار بيروت الدولي لدى وصوله.