وقع نواب مدينة طرابلس في الحيرة خصوصاً نواب «تيار المستقبل» فلا هم يستطيعون الخروج عن اجماع التيار بـتأييد الدكتور سمير جعجع مرشحاً لرئاسة الجمهورية ولا هم قادرون على الخروج عن كلمة الرئيس سعد الحريري فالمدينة الشمالية كانت لها خصوصية حساسة عشية الاستحقاق الرئاسي وهذا امر شعرت به قيادة «تيار المستقبل» ما دفعها الى غض الطرف عن التمرد الذي قاده «ابو عبد» كبارة فيما بعض الاوساط في «التيار» تؤكد بأن اجراءات ستظهر بقاعياً بحق من رفض وعصي خيار المستقبل، خصوصاًُ ان الانتخابات النيابية على الابواب وان المرشحين الكثر ينتظرون على ابواب اللوائح المستقبلية.

وتضيف المصادر المتشددة في «تيار المستقبل»: بأن اكثر ما يدهش هو المزايدة في الحرص على دماء الشهيد رشيد كرامي من جانب نواب من فريقنا السياسي فأظهر النائب كبارة حرصاً يفوق بكثير الحرص الذي اظهره آل كرامي ، ويعتبر هؤلاء أن كبارة يحن الى سابق تحالفاته التي انطلق منها في عاصمة الشمال عندما كان من المقربين لبيت كرامي سياسياً , كذلك اعتبرت المصادر في التيار الازرق أن الموقف المتمرد للنائب كبارة وضع النائب سمير الجسر في موقف حرج خصوصاً ان الاخير التزم بقرار كتلته رغم الضجيج الذي تصاعد في عاصمة الشمال ورغم اليافطات التي حضرت على عجل وانتشرت على المفارق والمستديرات لوقت قصير ومن ثم ازيلت بالسرعة التي علقت بها.

وبالعودة الى جلسة الانتخاب تقول مصادر في 14 آذار «كل ما يكون في خاطر الانسان يظهر من الكلام الذي يخرج من فيه وكل وعاء لا ينضح الا بما فيه» هذا ما ذكره القلقشندي في احدى رواياته في كتاب «صبح الاعشى»، فهذا القول ينطبق على ما جرى في جلسة مجلس النواب التي عقدت لانتخاب رئيس الجمهورية حيث نضحت ففضحت مكنونات صدور جميع الفرقاء الذين شاركوا فيها على اختلاف مشاربهم فأظهر بعضهم حقده الدفين لشريكه في الوطن واعاد البعض الآخر الحرب الاهلية الى الاذهان حسب المصادر نفسها.

واشارت هذه المصادر الى ان فريق 14 آذار على الرغم من ان اصوات خمسة من نواب المستقبل لم تلتزم بقرار الكتلة اضافة الى اثنين آخرين «طاش » صوتاهما ولم يعرف من هما، فان الاوراق البيضاء اوحت بأن فريق 8 آذار ليس لديه مرشح لكرسي الرئاسة الاولى والا لكان طرحه في مقابل الدكتور جعجع, ولكان حصل على نسبة اصوات تفوق الاصوات التي حصل عليها الاخير وبذلك يكون قد سجل موقفاً تجاه ترشيح رئيس «حزب القوات اللبنانية» الذي فتحت دفاتره القديمة حيث استعملت صندوقة الاقتراع صندوق بريد للرسائل الدموية حين كتبت اسماء بعض الذين استشهدوا في الحرب اللبنانية واتهم جعجع بقتلهم.

وهنا يطرح السؤال هل ستتفضي جلسة الاربعاء المقبل الى انتخاب رئيس للجمهورية توافقياً ام ان الفراغ سيكون سيد الكرسي ولماذا اختلفت خيارات نواب طرابلس المستقبليين؟

النائب سمير الجسر رجل الحوار والتهدئة في طرابلس رغم الانقسامات التي شهدتها المدينة. له رأيه الخاص يعبّر عنه، فهو من جهة ملتزم بقرار تيار المستقبل ومن جهة ثانية يتفهم جيدا الخصوصية الطرابلسية، لذا فقد اكد الجسر لـ «الديار»: ان «التيار الوطني الحر» لعب بذكاء من خلال التصويت بورقة بيضاء لأن هناك العديد من النواب لا ينتمون الى «التيار» واقترعوا بورقة بيضاء ومن الممكن انهم ارادوا من هذا التصرف عدم الدخول في «معمعة» وانهم يرغبون في الدخول الى المجلس بمرشح تسوية .

وعن الاسم الذي اقترع له، اكد الجسر انه وضع اسم الدكتور جعجع على الرغم من انه يكن احتراماً شديداً للشهيد رشيد كرامي، الذي هو شخصية وطنية مهمة، والذي يراجع الارشيف يجد ان الشهيد في وقتها كانت لديه مساع للقيام بمصالحة وطنية.

واشار الى انه اتخذ قراره من زاوية البعد الوطني وليس من زاوية طرابلسية، و لا سيما ان « اتفاق الطائف» حقق السلم الاهلي وطوى صفحة الحرب، وللذين يريدون ان يعيدونا الى ذاكرة الحرب يجب ان لا ينظروا من زاوية واحدة بل من كل الزوايا، وان الهدف مما جرى البارحة هو تثبيت وحدة فريق 14 آذار، اضافة الى ان القوى التي صوتنا لها وقفت الى جانبنا في كل المحطات من تكوين 14 آذار الى انتخابات الـ2005 وعند احتلال الساحات في بيروت والسرايا واجتياح بيروت في 7 ايار، ولم يخلوا بأي التزام، لذا اني ارى ان لا مصلحة لاحد في البلد ان يتم نبش الماضي .

وعن استشرافه لما سيحصل الاربعاء المقبل اكد ان كل طرف سيسعى من زاويته الى تسويق مرشح تسوية، ولا يمكن التنبؤ بامكان نجاح هذا الامر .