يسعى تنظيم «داعش» الارهابي بعد سيطرته على مناطق واسعة في العراق وسوريا الى توسيع نشاطه الاجرامي باتجاه لبنان، متوسلا مسلكين: الاول عبر ارسال وتحريك مجموعات افراد جنّدها للقيام بعمليات ارهابية، والثاني من خلال «قضم» تنظيمات محلية متطرفة تدور في فلك «جبهة النصرة» التابعة للقاعدة.

وحسب التقارير الأمنية فان هذا التنظيم فشل حتى الآن في تحقيق اي نجاح او اختراق أمني للساحة اللبنانية، ولم يتمكن من تحقيق هدفه من العمليات التفجيرية التي خطط لها، لا بل ان العديد من العناصر التابعة له وقعوا في مصيدة مخابرات الجيش والقوى الأمنية. لكنه استطاع كما فعل في سوريا من ان يحدث خرقاً في صفوف التنظيمات المتطرفة الاخرى، معتمداً في ذلك على عنصر المال وعلى ما حققه ميدانياً في العراق خصوصا.

ووفق التقارير الأمنية ايضاً فان مجموعات وافراد صغيرة انتقلوا في الولاء الى «داعش» بعد ان اصيبت مجموعاتهم المتطرفة بضربات قوية على يد الجيش والقوى الامنية لا سيما اثر نجاح الخطة الامنية في طرابلس.

ويحاول هذا التنظيم الارهابي ان «يرث» تلك التنظيمات الصغيرة التي اضمحلت او تفككت مؤخراً، ساعياً الى اعادة تجميعها تحت لوائه وفق الخطة التي يعمل عليها لتوسيع نشاطه باتجاه لبنان.

وحسب قراءة مصدر مطلع للتطورات والاحداث الاخيرة فان محاولة الانقلاب على هذه الخطة أكان من مجموعات متطرفة محلية او من بقايا «جبهة النصرة» و«داعش» معاً قد فشلت، وما الرد الحاسم من قبل الجيش والقوى الامنية في الايام القليلة الاخيرة على تحرك واعتداءات هذه المجموعات في اكثر من حي في المدينة الا ترجمة وتأكيدا على السير بهذه الخطة الى الامام وعدم الرجوع الى الوراء ابدا.

ويقول المصدر ان النجاح في لجم وتطويق محاولة اعادة طرابلس الى دائرة التوتر والنار، يعكس ايضا قرارا على ارفع مستوى بعدم التهاون مع مثل هذه المحاولات اولا، وابقاء المدينة تحت سقف الاستقرار العام ثانيا.

وبرأي المصدر ان القوى السياسية الفاعلة في طرابلس ومن بينها تيار «المستقبل» تدرك ان اي تهاون في تنفيذ وسريان مفعول الخطة الامنية يعني ليس عودة سيطرة هذه التنظيمات والمجموعات المتطرفة على الشوارع والزواريب فحسب، بل ايضا خسارة القرار في المدينة وفي الشمال عموما.

وبالتالي فانه من باب مصلحة هذه القوى الى جانب مصلحة المنطقة عموما، ان يحظى الجيش والقوى الامنية بغطاء ودعم محليين كاملين، مع العلم ان الغطاء الوطني والسياسي العام مؤمن منذ بدء الخطة الامنية.

ويشير المصدر الى عنصر آخر يعزز ديمومة هذه الخطة، وهو ان جهات اقليمية ودولية تدرك حجم مخاطر توسع وتفاقم نشاط هذه المجموعات المتطرفة، وما يمكن ان يحققه تنظيم «داعش» من مكاسب في حال توسع نطاق الفوضى والتوتر في الشمال.

من هنا، يعتقد المصدر نفسه ان خطة طرابلس لا تحظى بغطاء وطني ومحلي فحسب، بل ايضا بغطاء خارجي طالما ان العودة الى الوراء يمكن ان تؤدي الى مخاطر كبيرة ليس امن طرابلس والشمال بل ايضا على الاستقرار العام في البلاد.

ومما لا شك فيه، حسب المصدر ان وجود الوزير نهاد المشنوق على رأس وزارة الداخلية والوزير اشرف ريفي على رأس وزارة العدل يجعل تيار «المستقبل» امام امتحان دقيق وصعب على المستوى الامني عموما وعلى صعيد امن طرابلس بوجه خاص.

ولذلك فان تعثر الخطة الامنية في المدينة، او الاطاحة بها لا سمح الله سيشكل صفعة وضربة قوية للوزيرين ريفي والمشنوق والـ«المستقبل» عموما.

ويرى المصدر ان هناك تشابها الى حد كبير بين اسباب نجاح وسريان الخطتين في صيدا وطرابلس، مشيرا الى ان ردود الافعال للمجموعات الاصولية المتطرفة لن تكون قادرة على تغيير المعادلة او الاسباب التي ارست هاتين الخطتين حتى اشعار آخر.