قبل ان يغادر الى العاصمة السعودية الرياض، كانت كل التوقعات والايحاءات التي رافقت عودته الإيجابية الى لبنان تشير الى ان الجريري سيزور عندما تسنح له الفرصة رئيس تكتل الاصلاح والتغيير في الرابية. ولكن كما حضر بسرعة، غادر الحريري لتسييل الهبة السعودية الى المؤسسة العسكرية فطارت الزيارة كما تقول مصادر متابعة للملف ونسج الكثير من الروايات عن عدم توفر الظروف السياسية التي تتيح تلاقي الزعيمين، خصوصاً وان تلاقيهما في حال حصوله لا يمكن ان يكون عابراً وبدون ان ينتج خريطة طريق الى الرئاسة والملفات السياسية الساخنة من التمديد الى المجلس النيابي فالحكومة.

وبموازاة الزيارة التي لم تحصل ولن تحصل في المدى المنظوربحسب المصادر في حال كانت عودة الحريري وشيكة بدون ان يكون ذلك مرتبطاً باسباب تقنية او ما شابه، بل بسبب اشكاليات كثيرة تعيق التقارب في هذه المرحلة بين الزعامتين، فان اللافت عودة الخطاب المستقبلي لمهاجمة عون، ولعل كلام النائب انطوان اندراوس خير معبر عن الحالة المستقبلية والنظرة لزعيم الرابية، فهجوم اندراوس واتهامه عون بانه مصيبة وعلّة على المسيحيين وبانه رمز الفساد والصفقات والعمولات وما اليها، لا يمكن ان يكون كما تقول المصادر من عندياته او فلتة شوط مستقبلية، حيث كل الأمور تبدو مضبوطة ومنسقة منذ عودة الحريري وحيث يبدو الحريري ممسكاً بخيوط اللعبة في فريقه بعدما كادت الأمور تفلت من يديه عندما قاد كبارة والمرعبي وخالد الضاهر «تيار المستقبل» الى الهاوية وساهموا في تأمين البيئة الحاضنة للإرهاب والتحريض على المؤسسة العسكرية.

وهذا الكلام لا يبدو بعيداً عن جملة التباينات الراهنة بين «المستقبل» والرابية إزاء العديد من الملفات تضيف المصادر خصوصاً وان «المستقبل» لم يهضم بعد مبادرة عون الرئاسية لانتخاب رئيس من الشعب وعلى مرحلتين. وهذا الكلام مضافاً اليه تأكيد رئيس المجلس النيابي نبيه بري بان الحوار الذي قاده عون مع الحريري لن يؤدي الى نتائج، يعكس مسار الأمور والى اين وصلت وكيف توقفت ووفق اي توقيت.

بعكس جنبلاط تقول المصادر الذي ارعبته غزوة عرسال وجعلته يخطو نحو حارة حريك والرابية، ويطلق ما اطلقه من كلام بان داعش كانت ستتسلل الى لبنان سواء ذهب حزب الله للقتال هناك او لم يفعل فان الحريري اكتفى بضبضبة الساحة السنية وحاول تحصينها ضد الأخطار الداعشية محذراً السنة من عدم توفير البيئة الحاضنة.

فالواضح ترى المصادر ان الحريري متمسك بنظرية خطأ المشاركة في الحرب السورية، وقتال حزب الله وتدخله لمصلحة النظام هو الذي جر الويلات وتهديدات «داعش» الى الداخل، عدا ذلك فان مبادرة عون الرئاسية نالت نصيبها من النقد المستقبلي لها. وثمة من يرجح ان تعود الأمور الى نقطة الصفر ما بين الشيخ والجنرال. وإذا كانت حادثة عرسال احدثت كل هذا التموضع السياسي وسرّع عودة الحريري فان ما بين الرابية وقريطم الكثير من الأبواب التي لم تفتح بعد، في اعتقاد المقربين من الرابية ان الحريري اسير الضغوط والتزاماته الداخلية والدولية، هو لا يتعاطى بسلبية الأمس مع الرابية ولكن ثمة الكثير من المفارقات والالتباس في العلاقة.

وبالنسبة الى المصادر فان العلاقة بين الرابية والمستقبل تتخذ شكل المد والجزر وهي لن تنتكس كثيراً ولا يمكن ان تصل الى نقطة مسدودة رغم كل الإيحاءات والدور المعطل الذي يلعبه البعض لتعطيل علاقة المستقبل والرابية، فالطرفان امام تحديات المرحلة والارهاب المتسلل الى الداخل والذي لن يستثني اي فريق او طائفة..