أشار رئيس حزب "القوات" ​سمير جعجع​ إلى ان "الخطر المحدق باللبنانيين، كما رأينا في الأشهر الاخيرة، تمثل ببعض الاعمال العسكرية من هنا والأعمال الأمنية من هناك، وبعض الحوادث المتفرقة في مختلف المناطق. ولكن هذه هي حدود الخطر في الوقت الحاضر، وهو ليس متأتياً مما يجري في المنطقة"، معتبرا ان "الخطر الذي نعيشه هو خطر الانحلال الدستوري، فالدولة قانونها هو الدستور، والدستور حالياً لا يطبق. بداية هذا الانحلال تمثلت في عدم حصول انتخابات رئاسية، ومنع المجلس النيابي من التشريع الا في حالات الضرورة القصوى، وممارسة الحكومة لمهامها بالحد الأدنى". وقال: "في غضون الأشهر القليلة المقبلة سنكون أمام استحقاق الانتخابات النيابية. الحكومة لغاية الآن اقترفت ثغرتين: الأولى، ان دعوة الهيئات الناخبة لم تتم في الوقت القانوني. والثانية، أنه لم يتم حتى الساعة تشكيل الهيئة المشرفة على الانتخابات، مما يعني أن حصول الانتخابات بات أمراً صعباً، وحتى لو حصلت سيكون مشكوكاً بأمرها".

وفي حديث إلى صحيفة "القبس" الكويتية، اعتبر جعجع أن "الخطر على لبنان في الدرجة الاولى هو في الانحلال الدستوري الذي بدأ مع تعطيل ​الانتخابات الرئاسية​، وهو ما سيتسبب في الإضرار بلبنان بجميع مكوناته، إضافة إلى بعض المخاطر الأمنية التي، برأيي، لن تكون جوهرية، أي تفجّر لبنان. بالتأكيد ستخلف خسائر كما حصل في طرابلس وعرسال والضاحية الجنوبية من قبل، ولكن لن تؤدي إلى تفجير لبنان".

وردا على سؤال عن الاجراءات المتخذة لحماية البلدات المسيحية في المنطقة، أوضح ان "الاجراءات نتخذها انطلاقا من تقديرنا للوضع. تبعا لتقديراتنا في حزب القوات اللبنانية ككل وتقديراتي الشخصية، نرى أن بعض المجموعات المسلحة، وبالأخص التكفيرية، هي الموجودة في مكان ما على جهة لبنان من حدود عرسال. ولكن مع بدء الحرب الدولية على تنظيم الدولة الاسلامية، كما رأينا في العراق، بدأ هذا التنظيم يتقهقر"، لافتا إلى ان "هذه الحرب لا تزال في بدايتها وسوف تشهد تصعيداً متزايداً. في سوريا سوف تقوى شوكة الجيش السوري الحر الذي يقاتل هذه التنظيمات بسبب الدعم الدولي المقدم له، وهذا واضح من خلال العمليات العسكرية التي نفذها في الأسبوعين الأخيرين. هذا من جهة، ومن جهة أخرى، أثبت الجيش اللبناني في معركة عرسال والحوادث الامنية المتعاقبة بأنه موجود ويقاتل وتصله إمدادات وذخائر، وقد بات متنبهاً ومحتاطاً أكثر". وأضاف "بوجود هذين العاملين لا أرى أي خطر على البلدات المسيحية. استطراداً، لا داعي للقيام بأي اجراءات. كل ما علينا فعله في الوقت الحالي هو دعم الدولة والجيش والقوى الأمنية الموجودة، وبرأيي هذه هي الطريقة المثلى للدفاع عن لبنان".

وعن تسليح الشبانها من قبل بعض القوى السياسية بذريعة الدفاع عن انفسهم، رأى جعجع ان "ما يجري في هذه القرى هو مجرد عملية استعراضية داخلية أكثر منها عملية تسليح جدي للدفاع. في بلدة القاع المسيحية الحدودية على سبيل المثال، وزعت أحزاب 8 آذار سلاحاً على بعض الشبان الذين جاهروا بأنه سلاح من حزب الله لحمايتهم". وسأل "اذا كانت الستين الف بندقية التي يمتلكها الجيش اللبناني مع دباباته ومدفعيته وتدريبه، لا تستطيع رد الهجمات المحتملة، هل ستردها الخمسون بندقية التي وزعتها بعض المجموعات المسيسة للأهداف السياسية التي ذكرتها؟"، مشيرا إلى ان "ما يجري هو محاولة تعويم سياسي لفرقاء 8 آذار لغش الناس واظهار أنفسهم بمظهر المدافعين عن المسيحيين في تلك المنطقة، بينما من يدافع عنهم حقيقة هو الجيش والدولة اللبنانية". وشدد على ان "أفضل دفاع عن هذه القرى، وبالتالي عن لبنان، هو انتخاب رئيس للجمهورية يعيد الى مجلس النواب دوره التشريعي والى الحكومة عملها وديناميتها كي تستقيم الحياة السياسية بوجود مركز قرار فعلي ويومي".

وأشار جعجع إلى ان "من يطرح التنسيق مع النظام السوري يطرح هذه المقاربة من مبدأ عمالته أو صداقته للنظام السوري، والأمر سيان بالنسبة لهذا النظام الذي لا يفرق بين الصداقة والعمالة، معتبرا انه "لم يعد في سوريا دولة او نظام قائمان". وسأل "عن أي نظام نتحدث وكل آبار النفط تقريبا باتت تحت سيطرة داعش؟ أي نظام يدك شعبه ومدنه بالبراميل المتفجرة؟"، لافتا إلى ان "الدولة التي كانت في السابق تحولت الى واحدة من المجموعات المسلحة الموجودة في سوريا". وقال: "كما نحارب داعش نحارب الأسد لأنهما بالمواصفات نفسها وان اختلفت التسميات".

وأضاف "إن الدول التي اجتمعت لمحاربة داعش تعتبر أنه لا يكفي القضاء على داعش عسكرياً فقط. صحيح أنه يجب القضاء عليه عسكريا ولكن أيضا يجب القضاء على الأسباب التي أدت الى نشوئه. لم يتحرك الأميركيون في العراق في الأسابيع الأولى من احتلال التنظيم للموصل والأنبار، لأن العملية بالنسبة اليهم مرتبطة برحيل المالكي وتشكيل حكومة جامعة شاملة. وفي سوريا، رفض الائتلاف الدولي التنسيق مع الأسد لأنه يعتبره فاقداً للشرعية وارهابه يوازي ارهاب داعش. اذا القضاء على داعش لا يكفي دون ان يقترن بحل سياسي شبيه بما طرح في جنيف 2، أي رحيل الأسد وقيام حكومة مؤقتة تعيد ترتيب الأمور في سوريا. هذه برأيي قراءة الائتلاف الدولي، صحيح أن حربه العسكرية المباشرة ليست ضد النظام السوري، ولكن حربه غير العسكرية وغير المباشرة هي في وجه هذا النظام".

واعتبر انه لا يوجد مظلو دولية لحماية لبنان، قائلا "اللبنانيون غالبا ما يمنون النفس بأشياء خارجية لا تصح. ارادة الفرقاء اللبنانيين الرئيسيين بابقاء الوضع في لبنان هادئاً هي المظلة الحقيقية. بغض النظر عن الاختلاف السياسي"، مؤكدا ان "كل المجموعات اللبنانية تساهم في حماية لبنان حاليا. طبعا مشروع فريق 14 آذار هو الدولة. لكن ارادة حزب الله، وهو الفريق الاقوى تسليحاً هي في ابقاء الوضع هادئا، بالاضافة الى ارادة تيار المستقبل والقوات اللبنانية وسائر الجهات.

من جهة أخرى، أوضح ان "اعتراضنا على رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" النائب ميشال عون في وصوله للرئاسة ليس لشخصه، وانما بسبب مشروعه السياسي الذي التزم به في السنوات الثماني الأخيرة والذي نراه مدمراً للبلد. في ما يتعلق بترشحي، انا مستمر في الترشح، ولكن منذ اللحظة الاولى قلت وأكدت، ثم عاد فريقنا السياسي وأكد عليها: اذا كنتم ذاهبون الى الانتخابات فأنا مرشح، واذا كنتم غير راغبين وتريدون مرشحا توافقيا فأنا مستعد وغير متمسك بترشيحي".

وشدد على ان "تقصير المهلة الرئاسية أمر مرفوض من قبلي جملة وتفصيلاً. اولاً، لأنه ممنوع المس بولاية الرئيس وكأنها ولاية مدير عام. وثانياً، هل ما لا يصح على السنوات الست يصح على سنتين؟ اذا كان المشروع السياسي الذي يحمله الجنرال عون، برأينا، مدمرا للبلد على مدى ست سنوات، ينتفي ضرره إذا قصرنا المهلة الرئاسية الى سنتين؟".

وأكد انه "عندما تكون الدولة مقسّمة وفي حالة حرب تكون الصيغة الفدرالية نقلة نوعية نحو الوحدة. ولكن عندما تكون الدولة موحدة، تصبح الفدرالية خطوة الى الوراء. لنضع الامور في نصابها الصحيح، طرحت هذه الصيغة في الثمانينات عندما كنا في عز الحرب الاهلية. اما في ما يتعلق بالصيغة اللبنانية، فكثير من المؤشرات تدل انها متماسكة بالرغم مما يحصل في العالم العربي، ومن كل مشاكلنا وخلافاتنا الداخلية. وسط كل ما يجري في المنطقة لا يزال لبنان هادئاً، ولا تزال الممارسة اليومية للمواطن تحتكم الى الدولة على الرغم من شحوب هيبتها. لأن إرادة اكثرية اللبنانيين هي أن يبقى لبنان على هذا النحو. بتقديري الصيغة اللبنانية باقية حتى إشعار آخر".