تطرح أسئلة لا بدّ منها في هذه الآونة حول الأسباب التي تحول دون القضاء على مربع ​شادي المولوي​ وأسامة منصور الأمني في باب التبانة، بالرغم من إرتباط الرجلين بالعديد من الجرائم في عاصمة الشمال، والتي إستهدف بعضها المؤسسة العسكرية، من دون أن تتمكن أي جهة من الإجابة عنها. إلا أن كل الطرق تقود في نهاية المطاف إلى الغطاء السياسي، الذي كان يمنع سابقاً تطبيق خطة أمنية توقف جولات العنف على محاور القتال التقليدية في طرابلس.

في هذه الأيام، لم يعد جبل محسن هو الواجهة، إذ بات لدى المجموعات المسلحة حلم السيطرة على أحيائها. وفي غياب قادة المحاور المعروفين، المعتقلين من قبل الأجهزة الأمنية، حيث أصبحت الساحة مفتوحة أمام المولوي ومنصور، المرتبطين بالجماعات التكفيرية، لتحقيق أهدافهما أو أهداف مشغليهما.

حول هذا الموضوع، تشير مصادر مطلعة، في حديث لـ"النشرة"، إلى معطيات خطيرة جداً مرتبطة بعملية إغتيال أحد أبرز قادة المحاور في التبانة فيصل الأسود، الأسبوع الماضي، والتي مرت دون التدقيق فيها بشكل جدي من قبل الجهات المعنية، مع العلم أنها تكشف عن صراع خفي هدفه السيطرة على المدينة.

وتلفت هذه المصادر إلى أن الأسود، المعروف بأنه "الرقم الصعب" في المعادلة العسكرية الطرابلسية، تحدّث قبل مقتله عن طلب بعض الجهات الفاعلة في قوى الرابع عشر من آذار منه الوقوف بوجه المولوي ومنصور. إلا أن الرجل الذي لم يرفض ولم يقبل ذلك، أشار إلى أن هذا الأمر يتطلب قراراً واضحاً من كل الفاعليات، من أجل أن يكون جامعاً، مؤكداً أنه لا يستطيع بمفرده القيام بهذه المهمة الصعبة، ومطالباً بأن يتم تأمين الغطاء اللازم لها.

وتتحدث المصادر نفسها عن أكثر من إجتماع عقد مع الأسود ضمن هذا الإطار، حيث كان يؤكد أن هناك من يريد منه أن يكون بمثابة قائد لـ"صحوات" تقف بوجه الجماعات الإسلامية المتشددة، في الوقت الذي كان فيه منصور يسعى إلى التقرب منه، وتكشف أنّ الرجل كان يدرك أنّ حياته بخطر، وهو صارح بعض المقربين منه بهذا الأمر بشكل واضح آخر مرة قبل يوم من مقتله.

في هذا السياق، تكشف مصادر أخرى من التبانة أنّ عملية إغتيال الأسود لا تزال غامضة بالنسبة إلى الأهالي، حيث توجه كل جهة الإتهامات إلى غيرها، وتلفت إلى أن الإسلاميين يتهمون الأجهزة الأمنية بتصفيته في حين تتهمهم الأغلبية الساحقة بالوقوف وراء الجريمة، لكنها تؤكد أن أحداً لا يستطيع أن يحسم هذا الأمر، لا سيما في ظل عدم فتح تحقيق جدي بالقضية، والذي تطالب الأجهزة الرسمية القيام به بشكل سريع.

وتشدد هذه المصادر، عبر "النشرة"، على أن ما يمكن تأكيده حالياً هو أن تصفية الأسود ليس عملية عابرة، كما يتم التعامل معها، بل هي رسالة واضحة إلى كل المعنيين بأوضاع طرابلس، وترى أن من الواجب تحليلها بشكل دقيق كي لا تكون مقدمة لتفجر الأوضاع في المدينة، وتسأل: "من له مصلحة في إبقاء الوضع متوتر في عاصمة الشمال بالرغم من المخاطر الكبيرة التي تحيط بالبلاد؟"

من ناحية أخرى، ترى أوساط سياسية طرابلسية، في حديث لـ"النشرة"، أن عدم التعرض لكل من المولوي ومنصور، يعود إلى قرار كبير بحسب ما هو ظاهر، قد يكون مرتبطاً بجهات خارجية، وتعتبر أن المطلوب من كل فاعليات المدينة أن ترفع الغطاء عنهما بشكل علني وواضح بحال لم يكن بينها من يغطيهما.

وتلفت هذه الأوساط إلى أنّ البعض كان يتحجج في الماضي، بالواقع الذي كان قائماً في جبل محسن، لتبرير تصرفات ما يسمى قادة المحاور، لكن اليوم لم يعد من الممكن السماح بترك الأمور تخرج عن السيطرة من جديد، خصوصاً أنّ اللعب بهذه الورقة تبيّن أنه أمر خطير لا يمكن السيطرة عليه مستقبلاً.