يَضغط عامل الوقت على الإستحقاقات والإجتماعات حيث أنَّ الجميع صاروا في سباقٍ مع المواعيد، وما تبقَّى منها قبل الإقتراب من شهر نهاية السنة وما يحمله من اضطراب المواعيد والدخول في غيبوبة العطلات بما يعني من إرجاء لكلِّ الملفات.

الإستحقاقات اللبنانية المتراكمة تبدأ بالتمديد لمجلس النواب، وهذا البند سيُنجَز في نهاية المطاف على رغم كلِّ السقوف العالية التي يرفعها البعض الذين يعرفون أنَّ الإنتخابات في الظروف الحالية باتت من سابع المستحيلات.

ولكن ماذا بعد التمديد للمجلس؟

وما هو المطلوب من هذه السلطة التشريعية؟

إنَّ أول عملٍ مطلوبٌ منها هو إنتخاب رئيسٍ جديد للجمهورية، لكن هذا الملف، وإن كان من صلاحيات المجلس، يتجاوز طاقته.

بهذا المعنى، نحن في حالٍ من المراوحة التي لا أفق لها، وفي الإنتظار هناك ملفات بدأت تُلقي بظلِّها على اللبنانيين جميعاً من دون إستثناء، وهي في معظمها ملفات غير سياسية بل أهم من سياسية لأنَّها حيوية وترتبط بهم، فكيف يصمد اللبنانيون في ظل هذه الأوضاع؟

هناك عدة مؤشرات بدأت تُلقي بظلها على الواقع الراهن، ما يؤشِّر إلى أيامٍ صعبة سيشهدها اللبنانيون في حصاد السنة الحالية ومطلع السنة الجديدة.

فعلى سبيل المثال لا الحصر، لم يمرَّ بسهولةٍ وسلاسة، التعميم الأخير لمصرف لبنان المتعلِّق بتمويل القروض الإستهلاكية والذي يشترط ان يمتلك المُقترض % من ثمن ما يريد شراءه، سواء أكان منزلاً أم سيارة. هذا الإجراء اتَّخذه مصرف لبنان حرصاً على الإستقرار النقدي والإقتصاد الإجماعي، خشيةً أن تتفلَّت الأمور ولا يعود بالسهولة ضبطها، خصوصاً أنَّ القطاع المصرفي اليوم هو إحدى الركائز الأساسية للدولة بكلِّ قطاعاتها، فماذا لو استمرَّ الوضع على ما هو عليه حتى السنة المقبلة؟

فمَن هو القادر على التحمُّل في هذه الحال؟

من الواجب دقُّ ناقوس الخطر، لأنَّ الأوضاع لم تعد تحتمل المزيد ولأنَّ السكوت عنها لا يعني أنَّها ليست موجودة، بل أنَّها تستفحل وبصمت.

***

في هذا الإطار، ماذا تفعل الحكومة حيال كلِّ هذه الإستحقاقات؟

حتى الآن تبدو إجراءاتها أقل من إستحقاقاتها، ففي ظلِّ هذا الوضع المتدهور لا إمكانية للحديث عن سلسلة الرتب والرواتب، لأنَّ إمكانية تمويلها غيرُ متوافرةٍ على رغم كلِّ الأرقام التي قُدِّمَت، فماذا ستفعل هيئة التنسيق؟

وهل ستقع المواجهة مجدداً بين الحكومة وبين هيئة التنسيق؟

وماذا سيكون عليه مصير العام الدراسي مجدداً؟

إنَّها أسئلةٌ مكرَّرة لأجوبةٍ غائبة، فالعقدة الأكبر في هذا البلد هي أنَّ المقرَّرات تحتاج إلى إجماع فيما الأزمات لا تحتاج سوى إلى طرفٍ واحد وربما شخص واحد. فإذا نظرنا إلى كلِّ الأزمات فإنَّ معظمها يندلع من جهةٍ واحدة، ثم تحتاج معالجتها إلى إجماع، وهو نادراً ما يتوافر.

***

إنَّ كلَّ الأزمات الموجودة يندر أن تلقى إجماعاً في معالجتها، وعليه فإنَّها ستتراكم وستتفاعل...

وحمى الله لبنان من مضاعفاتها.